تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تهافت القول بالإعجاز العلمي في قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء)]

ـ[بكر الجازي]ــــــــ[10 Sep 2009, 05:05 م]ـ

قرأت جواباً ماتعاً للدكتور مساعد الطيار - وفقه الله- بخصوص الإعجاز العلمي، أورده الدكتور عبد الرحمن الشهري على هذا الرابط:

http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=384

ومما كتبه الدكتور الطيار تفسير قوله تعالى (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) وبيان الفرق بين فهم السلف وفهم القائلين بالإعجاز العلمي.

وكنت كتبت في تفسير هذه الآية مبحثاً طويلاً فندتُ فيه رأي القائلين بالإعجاز العلمي في تفسير هذه الآية، وهو من جملة أبحاث مطولة لي في هذا الباب. فأحببت أن أورده ها هنا في رابط مستقل، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن ينفع به، وأرجو ألا يبخل علينا الدكتور الطيار والإخوة الأفاضل بملاحظاتهم وتصويباتهم ...

ـ[بكر الجازي]ــــــــ[10 Sep 2009, 05:17 م]ـ

(1)

قولُه تعالى ?فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ? (الأنعام:125)

يدَّعي أربابُ التفسيرِ العِلميِّ أنَّ في هذه الآيةِ دلالةً على ظاهرةٍ علميَّةٍ لم تكن معهودةً ولا معروفةً للعربِ، حتى جاءَ العلمُ الحديثُ فَكََشَفَ عنها، ألا وهي نقصانُ الأكسجينِ كلَّما صعدنا في طبقاتِ الجوِّ العُليا، ونقصانُه يؤدّي إلى حَرَجِ الصَّدرِ وضيقِه، فمَثَلُ الكافرِ - في ضيقِ صدرِه بالإسلامِ، وتَبَرُّمِه بدعوةِ محمّدٍ صلى الله عليه وسلم مَثَلُ الذي يَصَّعدُ في السّماءِ، فيضيقُ صدرُه بنقصانِ الأكسجينِ في طبقاتِ الجوِّ العُليا، وهذه حقيقةٌ لم يُدرِكْها الإنسانُ إلاّ في العُقودِ المُتَأَخِّرَةِ من القرنِ العشرين، وإن بدأ يَتَحَسَّسُها منذ نهايةِ القرنِ الثامنَ عشرَ، وورودُها في كتابِ اللهِ الذي أُنزِلَ قبلَ أربعةَ عشرَ قرناً علي نبيٍّ أمِّيٍّ - صلى الله وسلم وبارك عليه-، في أمَّةٍ كانت غالبيَّتُها الساحقةُ من الأمّيين، مما يؤكِّدُ أنَّ القرآنَ الكريمَ هو كلامُ اللهِ الخالقِ، وأنَّ هذا النبيَّ الخاتمَ، والرَّسولَ الخاتمَ، كان موصولاً بالوحيِ ومُعَلَّماً من قِبَلِ خالقِ السّماواتِ والأرضِ (1).

وقبلَ أن ننقلَ تفسيرَ هذه الآيةِ من أمُّهاتِ كتبِ التفسيرِ، لنُبَيِّنَ أنَّ العربَ الأوَّلين قد فهموها حقَّ الفهمِ، ووَعَوها حقَّ الوعيِ، نرى أن نُوَجِّهَ للقائلين بهذا التفسيرِ العلميِّ سؤالاً في أحكامِ التَّشبيهِ، الذي هو فنٌّ من فنونِ البلاغةِ، وضربٌ من ضروبِ البيانِ، أبدعَ الشُّعَراءُ والأُدَباءُ فيه أيَّما إبداعٍ.

التَّشبيهُ في اصطِلاحِ البلاغيِّين له أكثرُ من تعريفٍ يورِدُها الدُّكتورُ عبدُ العزيزِ عتيقٌ نقلاً عن عُلَماءِ سابقين:

(فابنُ رشيقِ مثلاً يُعَرِّفُه بقولِه: التَّشبيهُ صفةُ الشَّيءِ بما قارَبَه وشاكَلَه من جِهَةٍ واحِدةٍ أو جِهاتٍ كثيرةٍ، لا من جميعِ جهاتِه، لأنَّه لو ناسَبَه مُنَاسَبَةً كليَّةً لكانَ إيّاه. ألا ترى أنَّ قولهم "خَدٌّ كالوردِ" إنما أرادوا حمرةَ أوراقِ الوردِ وطراوتها، لا ما سوى ذلك من صُفرَةِ وسطِه، وخضرةِ كمائمِه؟

وأبو الخطيبِ القَزوينيُّ بقولِه: هو الدَّلالةُ على مشاركةِ أمرٍ لأمرٍ في معنىً) (2).

فهو إذن يَرِدُ للدلالةِ على مُشارَكَةِ أمرٍ لأمرٍ في معنىً ما، ويدَّعي فيه المُشَبِّهُ أنَّ هذا الشَّيءَ يُقارِبُ ذلك الشَّيءَ ويُشاكِلُه من جِهَةٍ ما، واحدةً كانت أو أكثرَ، ولا تكونُ هذه المُشابهةُ والمشاكَلَةُ من جميعِ الجهاتِ، أو بيانِ أنَّ شيئاً أو أشياءَ شاركت غيرَها في صِفَةٍ أو أكثَرَ. وهذا يقتضي أن تكونَ الجهةُ التي يكون فيها الشَّبهُ والمُشارَكَةُ بين الشَّيئينِ أو ما يُسَمَّى بـ"وجهِ الشَّبَهِ" معلوماً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير