تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ): الجحيم: اسم من أسماء النار, وهي تدل على الجهامة، والظلمة, فهي سوداء، مظلمة، يحطم بعضها بعضاً. ومعنى قوله: (سُعِّرَتْ) أي: زيد في إيقادها، وتسعيرها, وإلا فإنها مخلوقة، موجودة، وهذا هو الذي دلت عليه النصوص, لكنها يوم القيامة تَهيُئ لأضيافها، وبئس الأضياف، وبئس النزل.

(وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ): روي عن بعض السلف أن الآيتين (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ)، هما مجرى الخطاب، يعني أن كل ما سبق، ذكر للوصول إلى هذا الأمر، أي إلى جحيم تسعر، أو جنة تزلف. ومعنى (أزلفت): أي: قربت، وأدنيت. ولهذا كان من شأن الجنة، أنها تفتح أبوابها تلقائياً, وأن النار، والعياذ بالله، تفتح فجأة, كما ذكر الله ذلك في آخر سورة الزمر (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) وفي هذا صدمة وهول, بينما قال في الجنة: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) كأنما هناك تهيؤٌ، واستقبال، وحفاوة مسبقة. نسأل الله من واسع فضله.

(عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ): هذا جواب الشرط, ذكر بعد ثلاثة عشر جملة من قوله: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إلى قوله: (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) , و (نَفْسٌ): اسم جنس، يعني نفس من النفوس, كما قال الله تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا). ولا ريب أن من مرت به هذه المواقف المقارنة لقيام الساعة, والمواقف والأحوال التي تتلو البعث، يدرك يقيناً ما هو عليه. وهذا الشوط من الآيات شوط مهول, شوط يهز القلب من أركانه، وترتجف له النفوس الحية. وتأمل وقع هذه الآيات على قوم ينكرون البعث! فإذا كان المؤمن الذي علم مسبقاً بهذا الأمر، وتلا السورة، وأمثالها، مراراً، يتأثر قلبه لتكرارها, فما بالك بهذا الذي قد أعفى نفسه من التفكير في هذه الأمور، وقيل له سيقع كذا وكذا. فلا ريب أن هذا يهزه هزاً عظيماً، ويجعله أمام مفترق طرق, فإما أن يتبع هذا النبي الذي جاء بهذا الحق, وإما أن يختار الأخرى. وهذه مجازفة، ومغامرة، تجعله أمام خيار صعب.

الفوائد المستنبطة

الفائدة الأولى: بيان هول يوم القيامة.

الفائدة الثانية: بيان عظيم قدرة الله تعالى؛ فهذا الكون المنتظم، الرتيب، بأفلاكه العلوية، ومخلوقاته السفلية، يخلفه الله عز وجل، ويغير نمطه.

الفائدة الثالثة: شناعة جريمة الوئد، حيث خصها الله بالذكر في هذا السياق المليء بالآيات الكونية، والأحداث الكبرى.

الفائدة الرابعة: بيان كمال عدل الله.

الفائدة الخامسة: إثبات الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان.

الفائدة السادسة: إقرار المرء بعمله يوم القيامة

بقلم الشيخ:د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي حفظه الله تعالى.

ـ[محبة القرآن]ــــــــ[10 Oct 2009, 04:49 م]ـ

العقيدة والقرآن» التفسير العقدي لجزء عم (سورة التكوير) المقطع الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير العقدي لجزء (عم)

سورة التكوير

(المقطع الثاني)

فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)) (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ): (فلا أقسم) هذا التعبير كثير في كتاب الله عز وجل , كقول الله تعالى: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) , (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ) , وقد اختلف المفسرون في توجيهه , فقال

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير