تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد حاول العلامة الزرقاني رد كون هذه الآية آخر ما نزل بقوله (ويمكن نقضه بأنها آخر ما نزل من سورة براءة لا آخر مطلق ويؤيده ما قيل من أن هاتين الآيتين مكيتان بخلاف سائر السورة، ولعل قوله سبحانه: "فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ..... الخ " يشير إلى ذلك من حيث عدم الأمر فيه بالجهاد عند تولي الأعداء وإعراضهم)، وقد ارتكز الزرقاني في رده على أمرين ليسا صحيحين عند الباحث هما:

الأول: وجود المكي داخل السور المدنية؛ وهذا غير صحيح.

الثاني:نسخ آية السيف لكل ما يدعو للصفح والإعراض ونحوه تقليدا لهبة الله بن سلامة الذي ذهب إلى أن كل آية جاء فيها العفو والصفح وتخلية السبيل والإعراض عن المشركين فهي منسوخة بآية السيف، وهذه الآيات المعنية قد بلغت مائة وأربع عشرة آية، وهو أمر غير متصور؛ ولهذا قال ابن الجوزي عن بن سلامة: (ومن قرأ كتاب هبة الله المفسر رأى العظائم)

أما ما ذهب إليه الزرقاني من أن هاتين الآيتين مكيتان بخلاف سائر السورة فهو قد ارتكز فيه على زعم ابن الغرس الذي ذهب إلى أن التوبة مدنية إلا آيتين "لقد جاءكم رسول" إلى آخرها، وابن الغرس استند فيه على قول مقاتل وهو قول شاذ؛ وفيه نظر للآتي:

- علق القرطبي على ذلك بقوله (وهذا فيه بعد لأن السورة مدنية)

- دليل مقاتل على مكية الآيتين واه جدا؛ إذ ذهب إلى أن قوله "من أنفسكم" المخاطب به أهل مكة، والحق أن الخطاب لكل الناس ولا يقتصر على أهل مكة أو العرب، والمعنى: من جنسكم أي البشر؛ لتفهموا عنه وتأتموا به، ويفسر ذلك قوله: (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا) أي إنساناً يقول ابن كثير: (أنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم، ليفقهوا عنه ويفهموا منه، لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته، ولو بعث إلى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه)

- مقاتل بن سليمان للعلماء فيه رأي كبير؛ إذ هو كذاب كما قال النسائي وابن حبان، يقول عنه وكيع: سمعنا منه والله المستعان، وقال الجوزجانى: كان دجالا جسورا، وقال العباس بن مصعب: كان مقاتل لا يضبط الإسناد، وقال البخاري: سكتوا عنه، وقد كان مقاتل يروى عن الضحاك بن مزاحم وهو قد ولد بعد وفاة الضحاك بأربع سنوات

- وردت أحاديث كثيرة تثبت أنها مدنية وأنها آخر آية نزلت خاصة و أن عددا قليلا من الصحابة كانوا يحفظونها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كانت الآيتان مكيتين لكان كثير من الناس يحفظونها ويكتبونها.

- أكد ابن شهاب الزهري في كتابه "تنزيل القرآن" أن آخر ما نزل هو قوله تعالى (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير