"وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله وصف البحرين اللذين ذكرهما في هذه الآية أنهما لا يبغيان، ولم يخصص وصفهما في شيء دون شيء، بل عم الخبر عنهما بذلك، فالصواب أن يعم كما عم - جل ثناؤه - فيقال: إنهما لا يبغيان على شيء، ولا يبغي أحدهما على صاحبه، ولا يتجاوزان حد الله الذي حده لهما".
وقال في تفسير قول الله تعالى من سورة الفرقان ": وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ":
"وإنما عنى بذلك أنه من نعمته على خلقه، وعظيم سلطانه، يخلط ماء البحر العذب بماء البحر الملح الأجاج، ثم يمنع الملح من تغيير العذب عن عذوبته، وإفساده إياه بقضائه وقدرته، لئلا يضر إفساده إياه بركبان الملح منهما، فلا يجدوا ماء يشربونه عند حاجتهم إلى الماء، فقال جل ثناؤه: (وجعل بينهما برزخا) يعني حاجزا يمنع كل واحد منهما من إفساد الآخر (وحجرا محجورا) يقول: وجعل كل واحد منهما حراما محرما على صاحبه أن يغيره ويفسده."
ثم قال:
"قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في معنى قوله): وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا) دون القول الذي قاله من قال معناه: إنه جعل بينهما حاجزا من الأرض أو من اليبس، لأن الله تعالى ذكره أخبر في أول الآية أنه مرج البحرين، والمرج: هو الخلط في كلام العرب على ما بينت قبل، فلو كان البرزخ الذي بين العذب الفرات من البحرين، والملح الأجاج أرضا أو يبسا لم يكن هناك مرج للبحرين، وقد أخبر جل ثناؤه أنه مرجهما، وإنما عرفنا قدرته بحجزه هذا الملح الأجاج عن إفساد هذا العذب الفرات، مع اختلاط كل واحد منهما بصاحبه. فأما إذا كان كل واحد منهما في حيز عن حيز صاحبه، فليس هناك مرج، ولا هناك من الأعجوبة ما ينبه عليه أهل الجهل به من الناس، ويذكرون به، وإن كان كل ما ابتدعه ربنا عجيبا، وفيه أعظم العبر والمواعظ والحجج البوالغ".
والذي نلاحظه هنا أن المفسرين اختلفوا في المراد بالبحرين وليس هناك نص من قرآن أو سنة يفصل في المسألة، ولكن المعنى العام للآيات يبقى مفهوما للجميع.
وإذا كان المسلم بالنظر والتأمل في أقوال المفسرين وفي الواقع يدرك أن الله جعل الماء نوعين عذب فرات وملح أجاج ولكنه لم يكن يدرك حقيقة البرزخ والحجر المحجور إلا أنه يؤمن بقول الله تعالى وخبره حيث قامت الحجة عنده أن هذا كلام الله.
فإذا جاء العلم الحديث وكشف للبشرية المؤمن منهم بالقرآن والكافر به أن مياه البحار والأنهار تتنوع في خصائصها وأنها تلتقي وتتداخل لكن لا يغلب أحدهما على الآخر فيكسبه خصائصه، بل وأن هناك منطقة تتكون في منطقة الالتقاء تختلف في خصائصها عن البحرين، فإذا وقف غير المؤمن عند هذه الحقيقة والكشف العلمي الذي لم يكن معروفا للبشرية قبل امتلاكها لأدوات الكشف من مختبرات وغيرها ودعاه هذا إلى التساؤل كيف لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يعرف هذه الحقائق لو لم يكن هذا القرآن وحي من عند الله تعالى خالق هذا الكون ومن ثم يدفعه هذا إلى الإيمان. فهل لنا أن ننكر ذلك ونرده بزعم أن هذا تفسير للقرآن بالرأي؟ أو أن السلف لم يدركوه؟
لا أعتقد أن عاقلاً يفعل هذا.
ثم إن هذا ليس تفسيرا، بل هي حقائق أشار إليها القرآن فلماذا نرفضها؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[24 Sep 2009, 01:48 ص]ـ
الشكر لك أخي الفاضل (العليمي المصري) على ما تبذله خدمة لكتاب الله الكريم ..
واسمح لي أن أعاتبك -عتاب أحبة- على قولك:
ولا أعرف لماذا يقيم البعض منا انفصاما حادا بين القرآن والعلم الحديث؟!
أليس القرآن الكريم يخاطب كل العصور والى يوم القيامة؟
ثم أليس عصرنا هذا هو أحد تلك العصور؟
هدانا الله جميعا الى الحق باذنه
فالأخ بكر وغيره هم من أهل العلم والفضل أمثالك الذين لا يتكلمون إلا بهدى وميزان، ويضعون الأمور في نصابها، فلا ينبغي أن نحمل كلامهم ما لا يحتمل.
ووجهة النظر التي ذكروها لا تدل على ما ذهبت إليه -حفظك الله- فالكل مجمع على أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة، وإنما مقصود كلامهم هو بيان وتمييز ما يصح أن يحمل عليه كلام الله مما لا يصح ..
وأنت أخي قد عودتنا على جميل الأخلاق، وكريم الشمائل ..
وفقك الله لكل خير ..
وسدد أقوالنا أجمعين.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[24 Sep 2009, 02:08 ص]ـ
الشكر لك أخي الفاضل (العليمي المصري) على ما تبذله خدمة لكتاب الله الكريم ..
واسمح لي أن أعاتبك -عتاب أحبة- على قولك:
فالأخ بكر وغيره هم من أهل العلم والفضل أمثالك الذين لا يتكلمون إلا بهدى وميزان، ويضعون الأمور في نصابها، فلا ينبغي أن نحمل كلامهم ما لا يحتمل.
ووجهة النظر التي ذكروها لا تدل على ما ذهبت إليه -حفظك الله- فالكل مجمع على أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة، وإنما مقصود كلامهم هو بيان وتمييز ما يصح أن يحمل عليه كلام الله مما لا يصح ..
وأنت أخي قد عودتنا على جميل الأخلاق، وكريم الشمائل ..
وفقك الله لكل خير ..
وسدد أقوالنا أجمعين.
لا والله الذى لا اله الا هو ما كنت أعنى بكلامى أخى الحبيب بكر
معاذ الله أن أكون أعنيه بذلك على وجه الخصوص
وانما كان حديثى على وجه العموم
ويعلم الله اننى أحبه - بل وأحبكم جميعا - فى الله عز وجل
ومعذرة ان كان التعبير قد خاننى قليلا
ونحن أولا وأخيرا أخوة فى الله تعالى
¥