تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[بكر الجازي]ــــــــ[03 Oct 2009, 02:42 م]ـ

الأخ الكريم العليمي:

مرة أخرى أقول: ليس فيما ذكرته - يا أخى بكر - أى الزام للقائلين بالاعجاز العلمى على الاطلاق

واليك الأسباب:

بل لا تزال الإلزامات موجهة إليكم أخي، ولم تستطيعوا حتى اللحظة أن تنفصلوا عنها، وإليك البيان:

أولا: ما قاله المتنبى كان شعرا، والشعر - كما لا يخفى عليك - يقوم فى جانب كبير منه على الخيال

أما اسلوب القرآن الكريم - وكما لا يخفى عليك أيضا - فما هو بشعر وما هو بنثر، وانما هو نسيج وحده من القول

ومن هنا فلا وجه للمقارنة بين ضربين مختلفين من القول وأحدهما يعتمد على الخيال بينما ثانيهما يقرر حقائق ويقول الحق

فليكن شعراً أو نثراً، ليس هذا مما يجدي في محل النزاع ...

وليس لك أن تقول إن الشعر يقوم على الخيال، والقرآن الكريم ليس بشعر ولا نثر، وأنه نسيج وحده، ذلك أن الغاية من مبحث الإعجاز إثبات أن الكلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة ليس كلام بشر، وإنما هو كلام الله، ويكون هذا بأن تبتديء مع المناظر فتقول إن رجلاً من قريش هو محمد جاء بكلام قبل ما يزيد على 1400 سنة، وهذا الكلام يحتوي على حقائق علمية اكتشفها العلماء حديثاً، وسبق محمد إلى هذه الحقائق دليل على أن ما جاء به ليس من كلامه، ولا من كلام أحد من البشر، فيكون هو كلام الله، ويكون دليلاً على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

فإذا جاءك المناظر بشيء من كلام العرب يزعم أن فيه دلالة على حقائق علمية كشف عنها العلماء حديثاً، لم يكن لك أن تنفصل عنه بأن تقول: القرآن كلام الله، وأما كلام العرب فهو شعر قائم على الخيال؟!!

كيف وأنت بعد لم تثبت للمناظر أنه كلام الله؟!

هذه مصادرة لا تجوز في مراسم الجدل، ولي أن أرد دليلك هذا لوجود المصادرة فيه ...

ثانيا: لم يزعم المتنبى أو غيره من الشعراء أنه يتلقى وحيا من الملأ الأعلى، أما محمد صلى الله عليه وسلم فانه قد ادعى ذلك صادقا

ليس موضوعنا ها هنا أنه ادعى ذلك أو لم يدعه ...

الموضوع هو في دلالة ألفاظ الآية ((كأنما يصعد في السماء)) على ما ادعاه الأخ جلغوم من حقائق، وليس شعر المتنبي الذي أوردته بأقل دلالة على ذلك.

ثم إنك تقول إن محمداً صلى الله عليه وسلم ادعى النبوة صادقاً، وهذه مصادرة أخرى على المطلوب، فإنك لا تستطيع حتى الآن أن تبين لنا صدق هذا الادعاء بواسطة الإعجاز العلمي، لأنك لم تأت حتى الآن، ولا أحد من الإخوة بشيء يصفو لكم في تفسير ((كأنما يصعد في السماء)) ...

ادعى الأخ جلغوم أنها تقودنا لصنع الطائرات!!!

فمن أين له بهذا؟؟

وإذا سلمنا له ذلك، فكيف الجواب على بيت المتنبي الذي ليس هو بأقل دلالة على ما تزعمون الآية دلت عليه؟!

وأنت تعلم أن البينة تلزم المدعى وحده، وعلى هذا الأساس يقدم أنصار الاعجاز العلمى البينات العلمية على صدق هذه الدعوى

وهم غير ملزمين بالنظر فى أقوال الشعراء لأن الشعراء أنفسهم لم يدعوا لأنفسهم شيئا

وما نريده من أنصار الإعجاز العلمي أن يبينوا لنا كيف تدل آية ((كأنما يصعد في السماء)) على اختراع الطائرة وقانون الجاذبية، وكيف أن بيت المتنبي لا يدل عليها ...

وأنتم بهذا ملزمون حتى تستقيم لكم ما تدعون من الإعجاز العلمي، والبينة تلزم المدعي ...

ثالثا: الشخص الملحد الذى تخيلته وقد جاء مستشهدا ببيت المتنبى الذى ذكرته، هذا الشخص الوهمى لن يكون له وجود ذات يوم فى الواقع، لأنه لن يوجد شخص بمثل تلك السذاجة التى تدفع صاحبها أن يتطوع ومن تلقاء نفسه الى رفع قدر انسان عادى مثله الى مصاف الأنبياء لمجرد أن وجده قد تخيل شيئا فى شعره، ثم تحقق خياله الشعرى اتفاقا

أن يكون حقيقياً أم وهمياً مما لا يجديك، فإن أصل السؤال قائم ...

ثم لو فرضنا أن الملحد لا يريد أن يرفع قدر المتنبي إلى مصاف الأنبياء، فإنه يكفيه بسؤاله هذا أن يكذبك فيما تدعيه من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يرتفع - عند الملحد- إلى مصاف الأنبياء، وهذا ما لا تستطيع أن تثبته حتى الآن من حيث الإعجاز العلمي ...

وبعبارة أخرى: يكفيه أن يقول إن ما تدعيه من إعجاز علمي لا أصل له، وبالتالي لا يثبت عنده أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول.

فكيف السبيل في هذا؟؟؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير