تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3. التأويل في تفسير القدماء أكثر منه الآن، ويرجع ذلك إلى عجزهم عن إدراك الصورة الكلية للمعنى. بل قد نجدهم أحياناً يولدون معاني جديدة للمفردات، لأنهم عجزوا عن تصور المعنى.

وهذا مما لا دليل لك عليه، فإنه قد جرت عادة المفسرين عند تفسير الآيات على ذكر شواهد من كلام العرب يؤيدون بها ما ذهبوا إليه في فهم الآيات، وتجد هذا مبثوثاً في أمهات التفاسير، أما توليد المعاني فلا أجده إلا عند أرباب الإعجاز العلمي الذي يزعمون أن الآيات تدل على معان جديدة لم تكن معروفة للعرب الأولين، فكانوا هم أولى بالتوليد لا الأولون.

وكيف يعجز العرب عن إدراك الصورة الكلية في كلام ما وقد نزل بلسانهم، هلا أتيتنا بمثال واحد؟

أما التصعد في السماء فقد بينت بحمد الله تهافت القول بالإعجاز العلمي فيها.

وأما أطوار الجنين فقد بينت لك أن القول بالإعجاز العلمي يلزم منه اتهام الفقهاء الأولين، والأئمة الأربعة بالذات.

ولو رجعت إلى كل ما يدعون فيها إعجازاً علمياً من آيات القرآن، ثم نظرت في أمهات كتب التفسير أدركت خطأ ما ذهبت إليه يا أخي.

ثم لي أن أقول – على سبيل المعارضة- إن الذين شرحوا شعر المتنبي عندما سمعوا قوله:

إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم

عجزوا عن تصور حقيقة ما أراد المتنبي من أن الصعود إلى السماء ممكن، فأولوا المعنى إلى أن المقصود هو ارتفاع الشرف لا الارتفاع على الحقيقة، أي أنهم لجؤوا إلى التوليد لأنهم عجزوا عن تصور المعنى.

ولكن لما كشف العلم الحديث عن إمكان الصعود إلى السماء أدركنا ما كان يرمي إليه المتنبي؟

وهذا مني على سبيل المعارضة، فتأمل بارك الله فيك.

4. في لغة العرب عندما نقول:"طلعت الشمس" لا يوجد في هذه العبارة ما يدل على حركة الشمس أو عدم حركتها. وكذلك عندما نقول:" كشفت الغطاء فبان المخبوء". وهذا مفهوم في كل لغات البشر. من هنا لا علاقة للمسألة بالتأويل. أما عندما يقول الله:" والشمس تجري" فظاهر النص أنها تجري. وقد وجد العلماء أن الشمس تجري بسرعة 19 ميل في الساعة وتكمل دورة واحدة في فلكها كل 200 مليون سنة. ومن يظن ثبات الشمس يذهب إلى التأويل.

عندما يقول الله " والشمس تجري" فظاهر الأمر أنها تجري، فلم لا يكون الأمر كذلك في قوله "وترى الشمس إذا طلعت ... الآية"؟

ما الفرق بين تجري وطلعت؟

أليس الفعل مسنداً إلى الشمس في كلتا الحالين، وما يظهر لنا أنه أسناد على وجه الفاعلية.

فكيف تزعم أنه ليس هناك ما يدل على حركة الشمس في قوله "طلعت"، بخلاف قوله "تجري"؟

أجيبك فأقول: لأننا عرفنا بدلائل العقل أن الأرض هي التي تدور حول محورها فيحصل تعاقب الليل والنهار.

ولكننا عرفنا هذا بدلائل العقل لا من الآية الكريمة.

فكيف يزعم بعض الإخوة أنهم عرفوا من آية "وترى الشمس ... إلخ" أن الأرض تدور حول محورها؟؟!!

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[04 Oct 2009, 08:38 م]ـ

الأخ الكريم بكر،

1. إذا كانت الحقيقة تعني مطابقة الفكرة للواقع. فكل ما يرد في كلام الله لابد أن يطابق الواقع، وإلا كان المتكلم غير الله. بعد هذا انظر إلى القرآن الكريم لتجد عدداً ضخماً من الآيات تتكلم عن الخلق. ثم تقول لي إن القرآن لم ينزل ليتكلم عن العلم!!! ثم من قال لك إن الإعجاز العلمي ليس من الهداية، هل تراه من الضلال؟! ثم ما معنى قوله تعالى:" تبياناً لكل شيء؟ ". ولا يهمني من زعم أنه تبياناً لبعض الأشياء على الرغم من قوله تعالى:"لكل شيء".

2. أليس من الهداية أن يعرف الوثني حقيقة الشمس والقمر حتى لا يعود إلى عبادتها من دون الله. أليس من الهداية تصحيح المعلومات وتصويب الأوهام .... ؟!

3. العام المخصوص يكون في الأحكام الشرعية وليس في الأخبار. ثم إن التخصيص يكون من الشارع وليس من قِبلنا.

4. ما لنا وللذين يَمُطُّونَ معاني المفردات!! هل يجوز لنا أن نقلدهم لنثبت أننا وهم نخبط خبط عشواء. ثم هل رأيت أن باطل القاديانيين يستقيم في العقل وتقوم به الحجة؟!

5. المفسرون يقدِّمون لنا معنى المفردة. أما المعنى المستفاد من الجُمَل فقد تجدهم غير قادرين على تصوره. وهذا أمر نجده في كل لغات البشر؛ فمن قال لك إن كل إنجليزي يفهم معاني المفردات الإنجليزية يستطيع أن يفهم كل المعاني التي وردت في كلام الفلاسفة أو علماء الاجتماع أو علماء الحياة ... من الإنجليز؟!!

6. أما التصعد في السماء الذي أطلتَ الخوض فيه فقد ظهر أن الخلاف بيننا وبينك في كون الكلام موجه للعرب فقط أم للبشرية إلى يوم القيامة. القرآن الكريم نزل بلغة العرب إلى كل البشر. فقد يفهم العربي المقصود بالمفردة فيُفهِمُه غير العربي المراد من الكلام. فلعلك تقول إن العرب الأقحاح الذين كانوا يعيشون في البادية قبل سنة 250 هـ هم أقدر منا اليوم على فهم المعاني المرادة من النص الكريم!!! وأذكرك قول الرسول عليه السلام:"إنما أنا قاسم والله يعطي"، وقصة الخيط الأبيض والأسود معروفة لديك.

7. أما كلام المتنبي فلا علاقة له بالأخبار. فإنما يأمرك أن لا تقنع بما هو دون النجوم ومن هنا لا حد لطموحك.

8. طلعت وظهرت لا تستلزم حركة. أما تجري فتستلزم حركة. والفاعلية لا تستلزم دائماً حركة، كأن تقول: كتم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير