تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

10. ثبت أن الصحابة كانوا يكتبون بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم. ونحن نتكلم عن رسول، وأنت تعجب من أمّي يُملي على الكتبة!! بل العجب كل العجب من معرفته عليه السلام بما يُضمره فُضالة من شر وهو يطوف خلفه حول الكعبة. والعجب أيضاً كيف يروي عليه السلام وهو على المنبر أحداثاً تبعد ألف كيلومتراً فيقول عليه السلام: "ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله .... ". من هنا لا داعي للقول إنه أمي فكيف يُصوّب الكتبة. وعندما ندرس الرسم العثماني ندرك أن ما كتبه الصحابة لا يمكن أن يكون باجتهاد منهم. وبلغة أهل الحديث نقول: إنه الموقوف الذي له حكم المرفوع. ثم تقول أخي أين النص؟! نعم أنا أقول لك أين هو: عندما يثبت أنهم كتبوا القرآن كله بين يدي الرسول عليه السلام، وعندما يثبت أن اللجنة في زمن أبي بكر رضي الله عنه لم تكن تكتب من الذاكرة وكانت تحرص أن تنظر في صُحف الرسول عليه السلام وتتحقق من ذلك. وعندما نجد اللجنة في زمن عثمان رضي الله عنه تحرص على صحف أبي بكر. عندما نجد ذلك كله ونعلم علم اليقين أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أبعد ما يكون عن الابتداع وكانوا هم أهل الاتباع الصارم، ندرك أنه من المستحيل أن يتصرفوا في الكتابة على الوجه الذي نراه في المصاحف.

السلام عليكم ورحمة الله

أيها الإخوة

أخي أبا عمرو البيراوي

يبدو ـ من هذا الكلام المقتبس ـ أن نظرية توقيفية رسم المصحف تبلورت بالشكل التالي:

"الصحابة كتبوا ـ بإملاء الرسول صلى الله عليه وسلم ـ الآيات والسور بما يعرفونه من الكتابة، وأقرّهم الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، إلا في رسم كلمات (وهي ليست بالقليلة) حيث أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم كيفية رسمها، وما أخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما أوحي إليه أو ما أُلهِمه، ومع أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف الكتابة فقد بلّغهم كيفية رسم تلك الكلمات والعبارات، وهم اتبعوا ذلك ولم يفعلوا شيئا من تلقاء أنفسهم، فكل ما في القرآن من الرسم وهيئات الكتابة هو توقيف وإرادة إلهية وليس فيه إرادة بشر."

نتيجة عجيبة وغريبة، ويبدو كقول من أعيته الحيلة وسدت بوجهه كل الأبواب والمنافذ واضطر إلى هذا القول الذي نرى فيه استحالات كثيرة ودعاوي بحاجة إلى إثباتات.

من ذلك:

1. القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوحيت إليه كيفية الكتابة الخاصة بالمصحف، هو قول في أمر غيبي وإيماني، والغيبيات لا تثبت إلا بدليل وتوقيف .. فمن أين لنا أن نثبت أن شيئا كهذا حدث؟ كيف لنا كمسلمين أن نعتقد بهذا مع أنه ليس لنا أن نعتقد بشي غيبي إلا بدليل من كتاب أو سنة وليس بدليل عقلي أو شبه عقلي؟

ما انتهى إليه الأخ البيراوي لا دليل عليه حتى عند نفسه إلا ما يذكره من "إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم على الكتابة وأنه صلى الله عليه وسلم أرشدهم في كتابة بعض الكلمات بما أوحي إليه من الغيب". وهذان الأمران (الإقرار العام والإرشاد الخاص) لا يثبتان إلا بدليل ديني، لأن إقراره صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن وحيا فلا يمكن حتى تصوره بالنسبة للكتابة فهو صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ ولا يكتب، وكذلك الأمر في أمر الإرشاد الخاص فهو أيضا يجب أن يكون وحيا وإلا لم يكن للرسول صلى الله عليه وسلم طاقة به .. والقول بهذا (أي صدور ذينك الإقرار والإرشاد عن الرسول صلى الله عليه وسلم كجزء مما كان عليه أن يبلغه للناس) يحتاج إلى دليل حقيقي من كتاب أو سنة، ولا يثبت بدليل عقلي أو شبه عقلي أو رأي يراه أخي أبو عمرو في تعليل رسم المصحف. ورسم المصحف يمكن تعليله بغير القول بالتوقيف.

2. القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بلّغ الصحابة كيفية الرسم الخاصة بالمصحف، يكون في النهاية والنتيجة نوعا من الالتفاف على ما نعرفه من أمية الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يشرح أمورا تتصل بالكتابة ورسم الكلمات فهو ليس أميا .. وإذا افترضنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد بلغ أمور الكتابة تلك وهو لا يعرف حقيقتها ولا يفهمها، نكون قد اتهمنا الله ـ سبحانه ـ بأنه كلّف الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ ما لا يفهمه هو وكأنه حامل رسالة وليس عليه سوى حملها وإيصالها إلى الجهة المعنية .. !!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير