تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محبة القرآن]ــــــــ[26 Dec 2010, 07:22 م]ـ

التفسير العقدي لجزء عم

سورة التين

د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي

(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)

(بسم الله الرحمن الرحيم)

(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8))

سورة (التين) سورة مكية، آياتها قليلة، ولكنها تتضمن معاني عظيمة.

ولهذه السورة مقاصد منها

أولا: بيان ترابط الشرائع السماوية.

الثانية: بيان الصلة بين الفطرة، والإيمان.

الثالثة: إثبات البعث.

(والتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) اختلف المفسرون في المراد بهما:

- فقيل: النباتان المعروفان، التين الذي يؤكل، والزيتون الذي يعصر.

- وقيل: أماكن نباتهما، فالمراد (بالتين): أرض الشام، وبـ (الزيتون) أرض فلسطين. أو تحديداً: المراد (بالتين): مسجد دمشق، و (بالزيتون): مسجد بيت المقدس. فعبر عن منبتهما بهما,

- وقيل: إن المراد بـ (التين): مسجد نوح، و (بالزيتون): مسجد بيت المقدس.

- وقيل: إنهما جبلان بأرض الشام.

ومؤدى هذه الأقوال إلى أن الله - سبحانه وتعالى - أقسم بهاتين الشجرتين المعروفتين، وفيه إشارة إلى مواضع نباتهما.

ولله - تعالى - أن يقسم بما شاء، لكنه أقسم بهما – سبحانه - لشرف مواضع نباتهما؛ فإن أرض الشام، وبيت المقدس، أرض النبوات السابقة.

(وَطُورِ سِينِينَ) عطف على ما تقدم. واختلفت أقوال المفسرين في المراد به:

- فقيل: الجبل الذي كلم الله - تعالى - عليه موسى، عليه السلام، وهو جبل في سيناء. وعلى هذا فكلمة (سينين) لغة من سيناء. وقد قال تعالى في سورة (المؤمنون): (وشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ).

- وقيل: الجبل الذي فيه نبات. فإذا كان الجبل فيه شجر، قيل عنه: طور.

- وقيل: أن (سِينِينَ) صفة للطور، وهي بمعنى: حسن، أو مبارك. واعتمد قائل

هذا القول على ما رواه البخاري من حَديث أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ، قَالَتْ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ، قَالَ: (مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ؟) فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ. قَالَ: (ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ) فَأُتِيَ بِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَلْبَسَهَا بِيَدِهِ، وَقَالَ: (أَبْلِي، وَأَخْلِقِي) مَرَّتَيْنِ. فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ، وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَيَّ، وَيَقُولُ: (يَا أُمَّ خَالِدٍ! هَذَا سَنَا) وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشِيَّةِ الْحَسَنُ.

وهذا القول الأخير، يستدرك عليه أن اللفظ الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - مخالف للوارد في الآية؛ فإن روايات البخاري فيها: سنا بالمد، وسنه بالهاء، وليس فيه سينين. ثم إنه لو كان المراد به صفة الطور، لنُوِّن (الطور) فقال: وطورًا سنين، وهذا لم يقع.

فأرجح الأقوال: أن المراد به الموضع الذي كلم الله - تعالى - عنده (موسى)، عليه السلام، في صحراء سيناء، حينما خرج بأهله، وأبصر ناراً، وقصدها، ثم جرى ما ذكر الله - تعالى - من القصة المعروفة.

(وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) أشار إليه بلفظ (هذا) لقربه.

(الْبَلَدِ الْأَمِينِ) مكة؛ وذلك لأن كل شيء يأمن فيه، فقد حرمه الله - تعالى - حينما خلق السموات والأرض، وجدد إبراهيم - عليه السلام – حرمته، فلم تزل العرب منذ زمن إبراهيم يعظمون البيت، حتى إن الرجل ليلقى قاتل أبيه في الحرم، فلا يتعرض له، وحتى إن الطير، والوحش يأمن فيه، فهو أمين. ثم جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - ووثق هذا الأمان، فقال: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي. وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ؛ لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا، إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ) وَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِلاَّ الإِذْخِرَ، لِصَاغَتِنَا،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير