مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء" .. الضمير يعود على ماذا؟ .. فَيُصِيبُ .. بماذا؟ بالبرد .. ، (وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء)؛ يصرف ماذا؟ .. البرد .. ، (يَكَادُ سَنَا بَرْقِه) أي لمعان برق ماذا؟ برق البرد، فالبرق (سببه) .. البرد، هل كان لدى النبي صلى الله عليه و سلم أجهزة .. ؛ أم كان عنده العلم الذي جاءه من الله! ".
وقد يصحب البرق ما يسمى بعواصف التورنادو الرعدية Tornadic thunderstorm التي تبدو بهيئة إعصار فيه نار، وقد اُستشكل أن تُصاحب العواصف والأعاصير أية ظواهر نارية باعتبار أنها دوامات مكونة أساسا من ماء مثلج وبَرَدْ، حيث لم يُعرف إلا حديثًا جدًّا أن الدور الأساس في تكوين الشرارة النارية وصدور البرق يرجع إلى البَرَدْ ذاته، ولذا لا مجال إذن لنسبة التعبير الوصفي في القرآن الكريم لبشر في قوله تعالى: "أَيَوَدّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنّةٌ مّن نّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلّ الثّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرّيّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللّهُ لَكُمُ الاَيَاتِ لَعَلّكُمْ تَتَفَكّرُونَ" [البقرة:266].
وفي أقل من نصف ثانية تحدث 3 - 4 ضربات برق نراها كلها في ومضة برق واحدة، ولا ندرك مرور ورجوع البرق، والحقيقة أن الشعاع الكهربي يرجع باتجاه الغيمة، لكن سرعة العملية تبدي لنا البرق وكأنه يتجه من الغيمة إلى الأرض فحسب، وتفيض دلائل النبوة في حديثه عليه الصلاة والسلام؛ ففي رواية مسلم: "ألم تروا إلى البرق كيف يمرُّ ويرجع في طرفة عين"، وتعجب كيف يوصف البرق بالرجوع في زمن لم يُعاين مرور شحنته عائدةً للسحب بشر قبل اكتشاف تقنية التصوير السريع!، وكيف يُوصف الضوء بسرعة محدودة مُثِّلَت بطرفة العين في زمن المتبادر فيه أن الضوء سرعته لا نهائية قبل قياسها حديثًا!، يقول سعادة الباحث م. عبد الدايم الكحيل: " لم يكن أحد يتخيل أن للضوء سرعة .. ، وهذه هي أول إشارة نلمسها في الحديث الشريف إلى أن البرق يسير بسرعة محددة، (و) البرق ما هو إلا شرارة كهربائية .. (و) هنالك طورين رئيسيين لا يمكن لومضة البرق أن تحدث من دونهما أبداً؛ وهما طور المرور وطور الرجوع .. Return ..، فمن الذي أخبره بأن العلماء بعده بأربعة عشر قرنًا سيستخدمون (نفس) هذه الكلمات .. ، (و) الزمن اللازم لحدوث البرق .. طرفة عين .. أجزاء قليلة من الثانية (كذلك)! ".
3 - دلائل النبوة تسطع في عصر العلم:
لقد أذهل القرآن الكريم عند نزوله فرسان البيان، وشهد بروائعه حتى المُكابرون، وتضمن دلائل على الوحي للناس أجمعين تكشفها الأيام حينًا بعد حين فيستقر المضمون، قال تعالي: "إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لّلْعَالَمِينَ. وَلَتَعْلَمُنّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ" [ص:87 - 88]، وقال تعالي: "لّكُلّ نَبَإٍ مّسْتَقَرّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" [الأنعام:67]، ولم يقل الأعلام إن إعجازه مقصورٌ فحسب على زمن التنزيل؛ فقد ذخر بوصف ظواهر كونية عديدة في مجالات علمية متنوعة ليست كيفيتها معلومة لبشر زمن التنزيل، وليس من المُعتاد تناولها في أي كتاب آخر يُنسب للوحي؛ مع قابلية مطابقة الكشوف العلمية بوجه يستقيم مع الدلالات في البيئة العربية، فالألفاظ معلومة لكن الكيفية مجهولة؛ حملها بتلطف نظم فريد وادخرتها أمثال توافق مضامينها الواقع المستور زمن التنزيل كدلائل على الوحي للقادمين العالِمين بخفايا التكوين، قال تعالى: "وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاّ الْعَالِمُونَ" [العنكبوت:43]، والبرق والرعد والصواعق ظواهر كونية تناولها الكتاب الكريم؛ فورد البرق بشيرًا بالمطر، ونذيرًا يشهد للفطين بوحدانية الله تعالى وقدرته وتقديره وبديع صنعه وحكيم تدبيره، وجاء النظم شاهدًا بعلمه مُتَحَدِّيًا المُكابر بدلائل النبوة، يقول العلي القدير: "بَلْ كَذّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذّبَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظّالِمِينَ" [يونس:39].
الرابط:
http://www.islamtoday.net/bohooth/artshow-34-114687.htm
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Oct 2009, 11:58 م]ـ
الأخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعل بعضكم قد وقف على ما نقلته لكم أعلاه
وغرضي من هذا النقل هو أن يطلع المنكرون للإعجاز العلمي لعلهم أن يضعوا أصابعهم على مواطن الخلل والتهافت بشرط أن يكون بأسلوب علمي رصين يبين موطن الخلل والتهافت، لا بأسلوب خطابي لا يغتي ولا يسمن ...
وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد