تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ استخدم، أسوةً بكافة المفسرين السابقين، منهج التفسير التحليلي، بمعنى أنه فسَّر القرآن الكريم كاملا حسب الترتيب العثماني، حيث بدأ بسورة الفاتحة، وانتهى بسورة الناس. وبهذا يُعد تفسير الجواهر أول تفسير كامل للقرآن الكريم في مصر في العصر الحديث.

ـ يمكن تلخيص طريقته في التفسير بأنه كان يقسِّم كل سورة إلى عدة أقسام، يجمع في كل قسم مجموعة آيات يرى أنها تُشكل وحدة نصية واحدة، تتناول معنى واحداً، ثم يفسِّر السور قسماً قسماً مفتتحاً كلَّ قسم بتفسير لفظي موجز له، يحرص فيه على تعريف الكلمات والمفاهيم الرئيسة الواردة فيه بشكل واضح ومنضبط, ثم ينتقل بعد ذلك إلى ذكر المعنى الإجمالي لآيات القسم الذي يشرحه، وهو هنا لا يزيد على ذكر المعاني العامة المذكورة على وجه الإجمال في التفاسير السابق, ثم يختار بعض الكلمات والمعاني الواردة في القسم الذي يفسّره، ويعقد لها فقرات خاصة تحت أسماء خاصة يختارها غالبا من أسماء الجواهر وصفاتها (مثل: الجوهرة، الزمردة، الزبرجدة، الياقوتة .. )، ثم يبدأ بذكر صفحات عديدة تتناول كل ما يتعلق بهذه الكلمات والمعاني من معلومات طبيعية واجتماعية ونفسية وتاريخية كشف عنها العلم الحديث. وفي نهاية كل سورة يعقد غالباً فقرة خاصة تحمل اسم "النظرة العامة للسورة" يلخص فيها أهم الأفكار والمعاني الواردة فيها.

وقد استخدم جوهري في الأقسام التي خصصها لتفسير المعنى الإجمالي، منهج التفسير بالأثر، حيث استعان، ولو بشكل مقتضب ومحدود، ودون تحقيق وعزوٍ للأقوال إلى أصحابها، على فهم المعاني العامة للآيات، بالقرآن الكريم نفسه، وبأسباب النزول، وبعض الأحاديث النبوية، واللغة والبلاغة، والقليل من الأخبار الواردة عن السلف رضوان الله عليهم أجمعين.

ـ استخدم أسلوب القص، والحكاية، والحوار بشكل متميز، والحكايات التي ذكرها إما حوادث شخصية جرت معه، أو حكايات من التراث الإسلامي، أو من ثقافات العالم الهندية، واليونانية، والأوربية [8]. وهو بهذه الحكايات قام بغرس معاني الآيات التي فسَّرها غرساً عميقاً في عقل القارىء، وقام بتوسيع آفاقه ومداركه في الوقت نفسه من خلال اطلاعه على جزءٍ من تاريخ وثقافات العالم من حوله. هذا فضلاً عن أن ذكره للحكايات في سياق تفسيره كان يساعد القارىء على استرجاع نشاطه الذهني، واستعادة تركيزه وانتباهه، وبهذا يمكن تشبيه حكايات جوهري في تفسيره بمحطات الراحة والاستجمام التي ينزل فيها القارىء في أثناء معاناته قراءة تفسيرٍ مليء بالمسائل العلمية، والقضايا الفلسفية، والمشاغل الإصلاحية.

ـ استخدم في تفسيره الرسوم التوضيحية، والجداول، وصور النباتات والحيوانات، والمناظر الطبيعية، وقام أحياناً بتلخيص تفسير آية ما عن طريق تحويل هذا التلخيص إلى جدولٍ على طريقة البيانات والمخططات الحديثة [9]. ومما لا شكَّ فيه أنه متأثرٌ بعمله هذا بخبرته التربوية الطويلة، والعميقة في ميدان التربية والتعليم، فهذه الطريقة، وإن كانت غريبة تماماً عن كتب التفسير القديمة والحديثة على السواء، فإنها لا تخلو من فائدة في توضيح المعاني، وتثبيتها في ذهن القارئ من جهة، وتشويقه، ودفعه لمتابعة قراءة التفسير دون كلل أو ملل من جهة أخرى، وفي الحقيقة، فإنه لا يوجد أي سبب أو دليل شرعي يمنعه من استخدامها.

ـ حرص في بداية كثيرٍ من السور القرآنية على بيان المعاني الكلية التي تعالجها السورة، فسورة البقرة تدور في نظره حول محورين عامين هما: الإيمان والعمل [10]، وبهذا يمكن أن نقول إن تفسير الجواهر كان خطوة مهمة على طريق الاهتمام بالوحدة الموضوعية للسور القرآنية، وهو الطريق الذي شهد تطوراً ملحوظاً على يد سيد قطب (ت1966م) في تفسيره "في ظلال القرآن".

ـ كان يحرص حرصاً شديداً على بيان وجوه الاتصال والتناسب بين السور القرآنية، وبين الآيات داخل كل سورة على حدة [11]، ولعل هذا الاهتمام يأتي متسقاً مع اهتمامه الحثيث بالبحث عن روح النظام والنسق في الكون والأمم، وكتاب الله تعالى، في نظره، يتطابق مع نظام الكون من حيث إنه كلام الله، والكون فعله، وبالتالي لا بد من التطابق بينهما على مستوى البناء والتنظيم الخارجي، وعلى مستوى المحتوى، والمضمون الداخلي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير