تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

1 ـ إن الشدائد مفاتيح الفرج، وإن مع العسر يسراً، فإنَّ كفار مكة آذوْا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآذوْا أصحابه واشتد الأذى إلى أن وصل منتهاه وهو قتل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكان قرار القتل هذا إيذاناً بهجرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقيام الدولة في المدينة فعلا سلطان الإسلام وعز المسلمون.

وهذا أمر عظيم يجب أن يدركه المسلمون وبخاصة حَمَلَة الدعوة، فلا تقعدهم الشدائد والصعاب عن مضاعفة العمل لاستئناف الحياة الإسلامية، بل يجب أن تزيدهم قوةً ونشاطاً واستبشاراً بنصر من الله وفتح قريب.

2 ـ إن الأخذ بالأسباب أمر بالغ الأهمية في الإسلام، فإنَّ الله سبحانه قد أمر رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لا يبيت في فراشه تلك الليلة، واتخذ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بوحي من ربه، من الأسباب أثناء هجرته ما فيه دلالة واضحة على ربط الأسباب بالمسببات. كل ذلك والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يدرك أنهم لن يصلوا إليه بسوء فقد أجاب أبا بكر عندما قال له يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا، عندما كان الكفار يقفون بباب الغار الذي فيه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحبه أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فأجابه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) وكما في الآية الكريمة {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}(التوبة: من الآية40) مما يدل على أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان موقناً بالنجاة من الكفار كما أوحى الله سبحانه إليه. ومع ذلك أخذ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأسباب كل ما يلزم من عدم المبيت تلك الليلة وجعل علي ـ رضي الله عنه ـ مكانه يتسجى ببُرد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم الذهاب جنوباً إلى غار ثور بدل أن يذهب مباشرةً إلى المدينة وهي شمال مكة، والاختفاء في الغار ثلاثاً ثم استطلاع الأخبار وهو في الغار ليعرف خبر القوم، وبعد ذلك يجعل مولى أبي بكر عامر بن فهيرة يريح الغنم على آثار عبد الله بن أبي بكر الذي كان يأتيه بالأخبار لكي تزول الآثار.

ولذلك فإن الأخذ بالأسباب من الأمور المهمة التي لا يصح أن تترك جانباً ظناً من المسلم أنه بهذا يحسن صنعاً، بل عليه الأخذ بها لأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أخذ بها {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(الحشر: من الآية7).

3 ـ إن الله يتولى الصالحين، والمؤمن في رعاية الله في السراء والضراء {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}(الحج: من الآية38) فقد اجتمع رؤوس الكفر في مكة يتشاورون في أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومكروا مكراً شديداً، فقرروا قتل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، لكن الله أبطل مكرهم، ورد كيدهم في نحرهم، ودبَّر لهم ما لم يستطيعوا الفكاك منه، فنجَّى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأذن له بالهجرة وأوصله سالماً. فالله سبحانه ناصر عباده المؤمنين {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}(غافر:51).

فيجب أن يدرك المسلمون وبخاصة حَمَلَة الدعوة أن الله سبحانه معهم وهو عز وجل موهن كيد الكافرين ومبطل مكرهم وسوء تدبيرهم} وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ { ... (لأنفال: من الآية30).

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير