تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

روى البخاري رحمه الله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ.

قال بن حجر في شرحه للحديث:

قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُص حَتَّى الْآن)

"أَيْ أَنَّ كُلّ قَرْن يَكُون نَشَأْته فِي الطُّول أَقْصَر مِنْ الْقَرْن الَّذِي قَبْله، فَانْتَهَى تَنَاقُص الطُّول إِلَى هَذِهِ الْأُمَّة وَاسْتَقَرَّ الْأَمْر عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ اِبْن التِّين قَوْله " فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْق يَنْقُص " أَيْ كَمَا يَزِيد الشَّخْص شَيْئًا فَشَيْئًا، وَلَا يَتَبَيَّن ذَلِكَ فِيمَا بَيْن السَّاعَتَيْنِ وَلَا الْيَوْمَيْنِ حَتَّى إِذَا كَثُرَتْ الْأَيَّام تَبَيَّنَ، فَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْم فِي النَّقْص، وَيَشْكُل عَلَى هَذَا مَا يُوجَد الْآن مِنْ آثَار الْأُمَم السَّالِفَة كَدِيَارِ ثَمُود فَإِنَّ مَسَاكِنهمْ تَدُلّ عَلَى أَنَّ قَامَاتهمْ لَمْ تَكُنْ مُفْرِطَة الطُّول عَلَى حَسَب مَا يَقْتَضِيه التَّرْتِيب السَّابِق، وَلَا شَكَّ أَنَّ عَهْدهمْ قَدِيم، وَأَنَّ الزَّمَان الَّذِي بَيْنهمْ وَبَيْن آدَم دُون الزَّمَان الَّذِي بَيْنهمْ وَبَيْن أَوَّل هَذِهِ الْأُمَّة، وَلَمْ يَظْهَر لِي إِلَى الْآن مَا يُزِيل هَذَا الْإِشْكَال"

أقول:

لا يلزم من نقصان الخلق أن يكون كل قرن في الطول أقصر من الذي قبله كما قال بن حجر فعاد قوم هود عليه السلام تميزوا عن قوم نوح بطول قامتهم وهم سابقون لهم كما هو ظاهر القرآن:

(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة الأعراف (69)

قال الطبري رحمه الله في تفسيره:

"وزادكم في الخلق بسطة"، زاد في أجسامكم طولا وعِظَمًا على أجسام قوم نوح، وفي قواكم على قواهم، نعمة منه بذلك عليكم، فاذكروا نعمه وفضله الذي فضلكم به عليهم في أجسامكم وقُوَاكم، واشكروا الله على ذلك بإخلاص العبادة له، وترك الإشراك به، وهجر الأوثان والأنداد."

ومن المعلوم أن بين نوح عليه السلام وآدم عشرة قرون كما جاء في الأثر عن بن عباس رضي الله عنهما.

ومن المعلوم أيضا أن مدة دعوة نوح عليه السلام كانت تسعة قرون ونصف القرن " ألف سنة إلا خمسين عاما" كما هو نص القرآن. والله أعلم كم عاش بعد الطوفان.

ثم إن ذرية ممن حمل الله مع نوح تكاثروا وأصبحوا أمما،منهم عاد قوم هود والله أعلم كم كان بينهم وبين الطوفان، والله أعلم كم عاشوا حتى هلكوا بالعذاب.

ثم كانت ثمود قوم صالح عليه السلام من بعد عاد ولكن هذه البعدية لا يلزم منها المباشرة، وقد قص الله علينا في القرآن أن بين قوم نوح وعاد وثمود قرونا كثيرة كما هو في سورة الفرقان:

(وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38))

وهنا أقول:

هذه القرون المتطاولة بين آدم وثمود والتي لا يعلمها الله لا يستبعد أن تكون أطوال الخلق قد تناقصت خلالها حتى وصلت في عهد ثمود إلى قريب مما نعهده اليوم، ولو نظرنا اليوم إلى أطوال البشر لرأينا أن بعض الأمم يفوق بعضها في الطول وهم في عصر واحد.

إذا ما استشكله بن حجر رحمه الله وغيره لا يعد إشكالاً عند التدقيق في الأمر.

وأما بخصوص البيوت المنحوتة في الصخر في منطقة العلا فأقول:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير