تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد ظهر للقاصي والداني حقد الغرب على المسلمين لتوهين قدر الإسلام في قلوبهم والطعن في عقيدتهم خاصة بعد هدم دولة الخلافة. فهل آن للمسلمين أن يدركوا الصديق من العدو، وأن يقيموا دولة الإسلام؟ وأن يسلكوا الطريقة التي سلكها النبي -صلى الله عليه وسلم- أورد ابن هشام في السيرة النبوية"ثم قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة وقومه على أشد ما كانوا عليه من خلافه ... فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه في المواسم على قبائل العرب ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه". وهذه المرحلة الجديدة من الدعوة كانت بأمر من الله- عز وجل-، ولم تكن اجتهاداً من الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمر اقتضته ظروف الدعوة، ويدل على ذلك ما ورد في فتح الباري شرح صحيح البخاري، ما نصه: "أخرج الحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل بإسناد حسن عن ابن عباس، حدثني علي بن أبي طالب قال: لما أمر الله نبيه أن يعرض نفسه على القبائل، خرج وأنا معه وأبوبكر إلى منى .. الحديث".

ويذكر في هذا الحديث الطويل كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم-وصاحباه يقصدون مجالس العرب بمنى بموسم الحج ... حتى ذكر قصدهم لمجلس ربيعة، ثم لمجلس الأوس والخزرج من أجل الإيواء والنصرة. وقد ورد في سيرة ابن هشام ما نصه"و لما هلك أبو طالبخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم -إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله- عز وجل -و لما رجع الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خائباً من الطائف إلى مكة قال ابن إسحاق: ... فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه في المواسم على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مُرسل ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه حتى يبين لهم ما بعثه الله به.وبقي هذا شأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سيره بالدعوة يتقصد القبائل ككيانات ويتقصد الرؤساء والسادة والأشراف ومن لهم مكانة. قال ابن إسحاق: "فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك من أمره كلما اجتمع له الناس في بالمواسم أتاهم يدعو القبائل إلى الله وإلى الإسلام، ويعرض عليهم نفسه وما جاء به من الله من الهدى والرحمة، وهو لا يسمع بقادم يقدم مكة من العرب له اسم وشرف إلا تصدى له ودعاه إلى الله وعرض عليه ما عنده.فأتى كلباً في منازلهم وأتى بني عامر بن صعصعة وأتى كندة في منازلهم، وكندة كانت ملوكاً، وأتى بني حنيفة في منازلهم وكان يقصد كل قبيلة في منازلها ويعرض عليها نفسه ويطلب منها أن تؤمن به وأن تصدقه وأن تنصره وتحميه. وقد استمر الرسول-صلى الله عليه وسلم- على ذلك حتى وفد أهل المدينة من الأوس والخزرج بعد أن مكث فيهم مصعب بن عمير سنة وواعدهم العقبة، وعقد معهم بيعة العقبة الثانية التي كانت البيعة فيها تقوم على أساس النصرة والحماية وكانت بيعة الحرب، وبذلك وجد الكيان الذي ينصره ويحميه، وعندها وقف عن طلب النصرة والحماية. وقد وضح في سيرة النبي –صلى الله عليه وسلم- أمران، أولهما تقصد أهل القوة والمنعة من القبائل والسادة والأشراف ومن لهم اسم و شرف ومكانة، وثانيهما طلب نصرة وحماية أهل القوة والمنعة.

وكان العرب يفهمون من طلبه هذا أنه يريد حكماً وسلطاناً، من ذلك ما ورد في رد قبيلة عامر بن صعصعة، حيث اشترطوا عليه أن يكون لهم الحكم من بعده على وجه الجزاء لما سيبذلونه له من حماية ونصرة، بقولهم "أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ فقال لهم: إن الأمر لله يضعه حيث يشاء، فقالوا له، أفنهدف نحورنا والعرب دونك ثم يكون الأمر لغيرنا، اذهب لا حاجة لنا بك". وقد استمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ذلك حتى وفد إليه أهل المدينة وبايعوه بيعة العقبة الثانية. ذلك أنه قبل مهاجره إلى المدينة بسنتين وفد ستة من الخزرج من أهل المدينة على مكة في الموسم فعرض عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- الإسلام فأسلموا ثم قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام: "إن وراءنا بالمدينة قوماً قد اختلفوا، فإن جمعهم الله عليك لم يكن أحد أعز منك". وفي العام التالي من الموسم جاء اثنا عشر رجلاً وبايعوه بيعة النساء، وأرسل مصعب بن عمير رضي الله عنه معهم إلى المدينة ليدعو أهلها إلى الإسلام ويطلب منهم النصرة، فذهب مصعب يدعو الناس إلى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير