تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإسلام ويعمل مع أسعد بن زرارة بتجميع القوى المادية من أهل النصرة لتغيير أحكام الكفر وإقامة الحكم بما أنزل الله في المدينة والاستعداد للتضحية بالنفس والنفيس من أجل الدعوة وصاحب الدعوة. ولما استجابوا للنصرة وتحققت الكفاية أحضرهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- ليبايعوه بيعة الحرب.

جاء في زاد المعاد لابن القيم ما نصه: عن جابر قال: فائتمرنا واجتمعنا، وقلنا: حتى متى رسول الله يطرد في جبال مكة، ويخاف، فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم، فواعدنا بيعة العقبة، فقلنا يا رسول الله علام نبايعك؟ قال: تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي على المنكر، وعلى أن تقولوا في الله، لا تأخذكم لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة. فقمنا نبايعه، فأخذ بيده أسعد بن زرارة وهذا أصغر السبعين فقال: رويداً يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله. وإما أنكم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر لكم عند الله. فقالوا: يا أسعد أمط عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة، ولا نستقيلها، فقمنا إليه رجلاً رجلاً، فأخذ علينا وشرط، يعطينا بذلك الجنة". أخرجه أحمد والبيهقي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير في السيرة هذا إسناد جيد على شرط مسلم، وصححه ابن حبان. وقال كعب بن مالك رضي الله عنه "فلما فرغنا من الحج، وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نتسلل تسلل القطا مستخفين، حتى اجتمعنا في الشِّعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً، ومعنا امرأتان من نسائنا، فاجتمعنا في الشِّعب، ننتظر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له، فلما جلس كان أول متكلم العباس فقال: يا معشر الخزرج:إن محمدًا منا حيث علمتم، وقد منعناه من قومنا، ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عزٍّ من قومه، ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم، واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم، وإن كنتم ترون أنكم مسلِّموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عزٍ ومنعةٍ من قومه وبلده، فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت ... ، فتكلم عندئذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتلا القرآن، ودعا إلى الله ورغب في الإسلام ثم قال: "أُبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم". فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق نبياً لنمنعنّك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابراً عن كابر. فاعترض القول -والبراء يتكلم- أبو التيّهان فقال: يارسول الله، إنّ بيننا وبين الرجال حبالاً و إنّا قاطعوها -وهو يعني اليهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثمّ أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟. فتبسم الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ثم قال:"الدّم الدّم والهدمُ الهدم، أنا منكم وأنتم منّي، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم". إن النصرة لدين الله – عز وجل - تحتاج إلى رجال وأي رجال، رجال لهم شهامة ونجدة كأمثال سعد بن معاذ و أسيد بن حضير والبراء بن معرور. وبالرغم من كل ذلك، فإننا واثقون من نصر الله و تأييده. ولنا في عزيمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثباته وثقته بنصرالله أسوة؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب أثناء حفره للخندق، يبشر بهدم أعظم دولتين في ذلك التاريخ مع أن المشاهد المحسوس يبين أن الغلبة ستكون للأحزاب، حتى إنه بعد مرور اليوم السابع والعشرين من الحصار المضروب على المدينة، صار المنافقون يقولون إن محمداً يعدنا بكنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يجرؤ على قضاء حاجته في الخلاء، فقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده، إني لأرجو أن أستلم مفاتيح الكعبة وأن أغنم كنوز كسرى وقيصر وأن تنفق أموالهم في سبيل الله، وهكذا كان، حيث أورثهم الله تلك الديار {فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} الروم4. وفي الختام:- قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار.

فيا أحفاد سعد بن معاذ، وسعد بن الربيع، وسعد بن عبادة، وأسعد بن زرارة، وأسيد بن حضير، والبراء بن معرور، وعبد الله بن رواحة، ومعاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، يا أحفاد النقباء، يا أحفاد من رفعوا اللواء، يا أحفاد من هجروا الشاة والبعير، ورجعوا برسول الله إلى رحالهم، يا أحفاد من رضوا بالله رباً وبرسوله حظاً وقسماً، يا أحفاد من شملهم رسول الله بالدعاء (اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار) هل ما زال فيكم سعد؟؟

نقلا عن مفكرة الإسلام

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير