كانوا أجل من الملوك جلالة ... وأعز سلطانا وأفخم مظهرا
ولكن خلَفَ من بعد أولئك العلماء الذين باعوا الأمراء خلف، حمّلوا القرآن ولم يحملوه، وأرادهم الإسلام رؤوسا فكانوا أذيالا، وأرادهم أن يقودوا الزحوف، فرضوا أن يكونوا مع الخوالف خلف الصفوف، وأرادهم أن يكونوا قادة فأسلموا للجهال والدعار المقادة، وأمرهم أن يصدعوا بالحق، ولا يخشون فيه لومة لائم، ولا بطش حاكم، ولا بغي ظالم، فإذا هم للحق يكتمون وهم يعلمون، لا يعصون الحاكم ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون:
لا يغضبون لأمر عمّ باطله ... كأنهم غير مخلوقين من عصب
وليس تندى من النكراء أوجههم ... كأنما القوم منجورون من خشب
لقد كذب الذين قالوا إن هذا الجدار ـ العار هو لحماية "الأمن المصري"، ولن يصدقم إلا من سفه نفسه، وفقد عقله، ولست أدري بأي منطق يتكلم هؤلاء الخرّاصون، عندما يرون خطر بندقية "كلاشينكوف" تهرب عبر نفق إلى مجاهد في غزة ليرد بها ـ ما استطاع ـ العدوان، ويتعامون عن خطر المفاعل النووي اليهودي الموجود في " ديمونة " قريبا من دارهم، وعن خطر آلاف اليهود وهم يجوسون خلال مصر؟ " ألا إنهم من إفكهم لمحجوجون ".
وأعجب من موقف النظام المصري وعلمائه موقف هذا "الهيكل" المهترئ المسمى "السلطة الفلسطينية" التي ما صُنعت إلا للتسلط على الأحرار الفلسطينيين، الذين يأبون أن يعطو الدنية في دينهم، ويرفضون أن يفرّطوا في ذرة من فلسطين، إن كثيرا من رموز هذه السلطة "يتشرفون" بلقاء رؤوس المجرمين الصهاينة، قتلة الأطفال الأبرياء، ويسهرون معهم، ويقبلونهم، وفي الوقت نفسه، يمنعون مظاهرة سلمية في مدن الضفة وقراها نصرة لفلسطين وتنديدا بالغاصبين، وتحمي قواتهم الصهاينة وهم ينَجِّسون الأرض الطاهرة، وتطارد المناضلين الفلسطينيين، وتزج بهم في غيابات سجونها حتى يلقوا ربهم تحت التعذيب.
وأما الجريمة الأكبر فيه موافقة " وزير " الأوقاف في السلطة الفلسطينية على " فتوى " الجدار ـ العار، ولولا " قابليته " لبيع دينه، والتفريط في عرضه، لما أنعم عليه بمنصب " وزير " .. وصدق من قال:
إن مثل هؤلاء "العلماء" الذين أصدروا هذه "الفتوى"، والذين وافقوا عليها كمثل من قال الله ـ عز وجل ـ فيهم: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولّى، سعى في الأرض ليفسد فيها، ويهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد ... "، وأي فساد أفسد من هذا الذي فعله هؤلاء " العلماء ".
وكم هادم للدين يهتف باسمه ... وينعاه للإسلام وهو يقاتله
ويأمر بالمعروف وهو غريمه ... ويدعو إلى نصر الهدى وهو خاذله
ويزعم أن الحق لولاه ماسما ... ويأتي بقول يدحض الحق باطله
يا هؤلاء "العلماء"، إن هؤلاء الحكام الذين تخرّون لهم، وتتملقونهم، وتحلون لهم ما حرم الله، وتجادلون عنهم إن نفعوكم في الدنيا بمناصب ومغانم، فإنهم لهم يغنوا عنكم من الله شيئا، يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، وسيتبرأون منكم، فكلك امرئ يومئذ شأن يغنيه. إنكم أيها العلماء قد ابتعدتم من مهودكم واقتربتم من لحودكم، وإن ربكم سائلكم قبل أن تزول أقدامكم من عنده يوم القيامة: ماذا علمتم فيها علمتم؟
إنه ليحزنني أن يتخذ هؤلاء الحكام الذين لا يقرأ واحد منهم جملة قراءة صحيحة، فضلا عن أن ينشئها، بعض "العلماء" سخريا. ولكل امرئ ما اكتسب من الإثم. وأما عنوان هذه الكلمة فهو جزء من بيتين شعريين للإمام أحمد سحنون، رحمه الله، وهما:
سئمت حياتي، فهي سجن مؤبد =وليس بغير الموت أخلص من سجني
صديق بلا صدق، وعلم بلا تقى =ودين بلا فهم، وأمن بلا أمن
1) جريدة " الشرق الأوسط ". ع 9406 في 29 - 8 - 2004
*) داء الوظيفة يتكون من ثلاثة فيروسات هي: الجبن ـ والتملق ـ والطمع. "
هذا رابط المقال:
http://www.echoroukonline.com/ara/dossiers/analyses/les_jeudis/46608.html
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[07 Jan 2010, 02:49 م]ـ
بارك الله اليد التي كتبت واليد التي نقلت،
وللمناسبة نضع نقاطاً على حروف:
1. ما يحصل في غزة امتحان نجح فيه أهل غزة وأخفق فيه مليار وستة أعشار المليار من المسلمين.
2. تُحاصر القلة الموحدة وتتفرج الأمة، فماذا سيقولون لربهم في الموقف العظيم.
3. نتكلم عن فروض الكفاية وفروض العين. فما حكم العمل على نصرة المسلم الذي يقتّل ويجوّع من قبل معسكرات الكفر والنفاق.
4. في هذا الحصار فضيحة لعدة جهات منها: الغرب الذي مرد على الكفر والنفاق والإجرام. وهو فضيحة للأنظمة في العالم العربي والإسلامي والتي خانت وهانت وظلمت وبطشت. وهو فضيحة لكهنة الفتوى الرسمية الذين يبيعون بأرخص الأثمان، وليتهم يكسبون في سنة ما تكسبه فنانة في ساعة من ليل. وهو فضيحة للشعوب التي أخلدت إلى الأرض فهانت وأهينت.
5. لابد من التفكير: كيف يتم فك الحصار من الخارج. فالعجب كل العجب أن تنتظر الملايين المتعاطفة أن يفك الحصار من قِبل أهل غزة أنفسهم. وأنا على ثقة من أن قوى الإجرام أجبن من أن تستمر في غطرستها لو شعرت أن ذلك سيجلب لها المشاكل وتهديد المصالح. والشعوب هي الأقدر على فك الحصار وليست الأنظمة.
6. هذا الحصار فرصة ذهبية لإنهاض الشعوب التي ترزح تحت نير الجواسيس. والله تعالى قد جعل فلسطين مباركة من أجل العالمين:" باركنا فيها للعالمين".
7. من أيام كنت أستمع لمحاضرة ولفت انتباهي قول المحاضر: (هل تظنون أنّ الله تعالى يغفل عما يفعل الظالمون، وهل تظنون أن الله يترك هذه الشعوب الذليلة من غير عقاب، ومن هنا فإني أتوقع أن تدفع هذه الشعوب الثمن باهظاً وما العراق وأفغانستان والصومال إلا مقدمات .... ). أسأل الله أن يرحم هذه الأمة وأن يهديها سبل السلام.
¥