ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[01 Feb 2010, 02:24 ص]ـ
الأخ الكريم عبد الله،
أولاً: عندما باعت الأم قطعة الأرض هل كانت تعلم قيمتها الحقيقية؟! وعندما باعتها لابنها هل كانت تحت سيف الحاجة؟ وهل غُبِنت غبناً فاحشاً؟ هل كانت تقصد أن تخص ولدها الكبير دون غيره؟
.
الأم كبيرة في السن وأميّة،ولا تقصد أن تخص اخدا بشيء. كما فهمت عاد الكبير من الخارج بمبلغ كبير من المال (حتى انه وزع على بعض الفقراء من اهل بلدته عشرات منه) وكانت أمه عندئذ كبيرة وأبوه كذلك، وكان أخوه الأصغر فقيرا جدا. ولعله وجد أنه سيضطر إلى رعاية والدته والنفقة عليها، فصور لها أن بيعها الأرض له سيحل كل مشاكلها ويغنيها عن الحاجة إلى أي مخلوق حتى هو نفسه. (وفي نفس الوقت سيجد نفسه في حل من النفقة عليها باعتبار انها قبضت ثمن الارض التي باعتها) وأخبرها انه مستعد لمشاركة اخيه إذا أراد، أو من شاءت من اخواته، وأعلن ذلك للجميع. ولكنه يعلم ان الجميع لا يملكون شيئا وأنهم يعيشون يوما بيوم ...
الأخ الكريم عبد الله،
3. عندما باعها الابن بعشرة آلاف، بعد زمن يسير، هل كان ارتفاع سعر الأرض لظروف طارئة على المنطقة المحيطة؟ ثم لماذا تعمّد أن يبيعها بسعر أقل من قيمتها الحقيقية؟ ..........
.
حينما علم الاخرون بالقصة وبدأ البعض يتذمر من المسالة،اراد ان يريح الجميع منها-وحتى لا تظل مطروحة عند هذا وذاك - فاستعجل ببيعها، وتهاونه في البيع سهله له، وهو يرى أن ربح عدة آلاف في مدة قصيرة أمر حسن وفرصة قد لا تتكرر.
(انني احاول ان لا اتدخل في سير الأحداث , ولكنني هنا اتساءل: لماذا مادام يملك المال لم يشتر من شخص آخر غير امه؟ إذا كان يريد التجارة بالعقار فهناك بدائل كثيرة، واما مسألة النفقة على الأم، فهي واجبة عليه، وهو الذي قام بارسال عشرات الدنانير كل عشرة في مغلف الى الفقراء .. هل يترك أمه تجوع؟).
الأخ الكريم عبد الله،
5. الملابسات تشير إلى أن هذا الأخ (الكبير) ظالم ولا يبالي بحلال أو حرام. وعليه ننصح هذا السائل أن يهتم بما هو مطروح من قبل الأب لإنصافه.
أصبت. والله يمهل ولا يهمل.
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[01 Feb 2010, 07:01 ص]ـ
تمهل عن إطلاق الأحكام على الناس ومقاصدها يرحمك الله.
إنك إن كنت شاهدا فلا يسعك في الشهادة إلا الحكاية للذي تشهد عليه بسمعك أو بصرك أو بهما معا، ولا يسعك رأيك إلا في القضاء.
مثل هذه القصة لم يحسم بها قضاء بعد.
القصة كما تذكر الأم باعت بعد رجوع ابنها، ولم تبع إلا له. ففيها وجه آخر بلا اتهام للنوايا.
عادة الناس جرت على تبادل المصالح، وربما جرى بين الناس أحد خطئين؛ جفاف في التعامل حتى لقد يظن المتبايعان أن من أنصف جاره فرط في فرصة شرعية له.
وأخرى المجاملة على حساب الحق، فيرى أنه إن ضيع حقه فقد قدم التضحيات ورد الجميل أو بذل المعروف بكرم ..
وكلا الطريقتين خطأ .. وهما سبب تأزم العلاقات وتفاقم الخلافات.
الذي يظهر لي أن الأم لم تكن بحاجة ماسة لبيع الأرض لذلك باعت لما رأت ابنها يصرف نقوده .. فكيف يأتي يتصدق على الفقراء ثم يظلم أمه؟!
أظنها رغبت بمال منقود دون الأرض. فباعت.
وربما لا يعرف أصول البيع والشراء، فظن أن المماكسة في الشراء على إطلاقها. فاشترى بالقليل وباع بالكثير. إلا أن يثبت أن العرف الشرعي للأرض حقا جاء بهذا التفاوت لسبب مستقر شرعا في السوق.
ووجه كلامي هذا؛ أن الأم كانت تستطيع البيع لغير هذا الولد .. ولكن باعت له .. وما المشكلة لو اشترى ابنها فهذا من حقهما .. ؟
وأما البيع فليس هو هبة؛ فربما لو اشترى منها الصغير لآثرته بشيء من التخفيض، فعبادة الأعطية للولد ليست هي الإيثار.
يقول صلى الله عليه وسلم:"يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا". ولم تكن فقط فاطمة ابنته الموجودة في حياته، بل كانت ثم زينب التي تزوجها أبو العاص بن الربيع رضي الله عنهم.
ووجه الدلالة، أن العدل يكون في النفقة والأعطيات، وليس في الإيثار بإكرام الابن بما طلب. فلعل له عند أمه من المعروف ما أكرمته لأجله بمال طلب شراءه.
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو طلبت منه فاطمة وأعطاها، لم يلزم منه أن يعطي زينبا، ولكن لو أعطى الأعطية لفاطمة من عنده من غير أن تطلبها لأعطى زينبا مثلها.
فالعدل بين الأبناء يكمن في شيئين:
الأول: عدل في النفقة، وليس يعني التساوي، ولكن يعني الالتزام بحق النفقة، فإن ابنا يحتاج جهاز جوال، وآخر يحتاج حاسوبا .. فتوفير كل حاجة لمحتاجها يعني العدل.
وطلب أحدهما حاجته لا يعني توقفها حتى يطلب الآخر مثله.
لذلك ينبغي للتربية أن تعنى بتثقيف الأبناء على ترك المنافسة على التشابه.
والثاني: عدل في الأعطية، وهذه نفل على النفقة، بتطابق التساوي، وليس بتطابق العين المهداة، فيعطي الأعطيات التي يقع فيها رضى الأبناء وقيمتها واحدة، ولو اختلف نوعها.
والله أعلم
¥