تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلاوة على ذلك ما يترتب على ذلك من اختلاطهن بالرجال. وخلوتهم بها والتساهل بالحجامة أو تركه بالكلية، كما هو الواقع من نساء العصر المخالطات للرجال. وتحريم هذا معلوم من الدين بالضرورة. ومن الادلة على ذلك قوله عز وجل: {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} (1) وقولهعز وجل: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهم ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباء بعولتهن} (2) الآية وأصح ما قيل في تفسير قوله: (إلا ما ظهر منها) أنه الملابس الظاهرة: قاله ابن مسعود وغيره. ومن فسره بالوجه والكفين فمراده مع أمن الفتنة والمحافظة على العفة وستر ما سوى ذلك، والواقع من نساء العصر خلاف ذلك لضعف إيمانهن، وقلة حيائهن، ومعلوم أن سد الذرائع المفضية للمحرمات من أهم أبواب الشريعة الكاملة وقال تعالى: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وإن يستعففن خير لهن} الآية (3). فإذا كان القواعد وهن العجائز يمنعن من وضع الثياب على محاسنهن كالوجه والكفين ونحو ذلك، فكيف بالشابات الجميلات الفاتنات. وإذا كان العجائز يمنعن من التبرج بالزينة فهو في الشابات أشد منعاً والفتنة بسببهن أكبر.

ولما ذكر ابن القيم رحمه الله (الغناء) وما ورد فيه ابن عباس وغيره من الذم، وأنه من الباطل الذي لا يرضاه الله، قال ما نصه: فهذا جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن غناء الأعراب الذي ليس فيه مدح الخمر والزنا واللواط والتشبيب بالأجنبيات وأصوات المعازف والآلات والمطربات، فإن غناء القوم لم يكن فيه شيء من ذلك، ولو شاهدوا هذا الغناء لقالوا فيه أعظم قول، فإن مضرته وفتنته فوق مضرة شرب الخمر بكثير وأعظم من فتنته، ومن أبطل الباطل أن تأتي شريعة بإباحته، فمن قاس هذا على غناء القوم فقياسه من جنس قياس الربا على البيع، والميتة على المذكاة، والتحليل الملعون فاعله على النكاح الذي هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وإذا كان هذا كلام ابن القيم في غناء أهل عصره فكيف بغناء هذا العصر الذي يذاع ويسمع الرجال والنساء والخاص والعام فيما شاء الله من البلاد، فنعم مضرته، وتنتشر الفتنة به، لا شك أن هذا أشد إثماً وأعظم مضرة.

وأما الأحاديث فمنها ما رواه الترمذي وحسنه، عن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوده وشق جيوب ورنة) قال ابن القيم رحمه الله بعد هذا الحديث: فانظر إلى هذا النهي المؤكد بتسمية صوت الغناء صوتاً أحمق.

ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور، ولم يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان. وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على تسميته (الغناء) مزمور الشيطان في الحديث الصحيح، فإن لم نستفد التحريم من هذا لم نستفده من نهي أبداً. ثم قال: فكيف يستجيز العارف إباحة ما نهى عنه رسول الله صلى عليه وسلم وسماه (صوتاً أحمق فاجراً ومزمور الشيطان) وجعله والنياحة التي لعن فاعلها أخوين، وأخرج النهي عنهما مخرجاً واحداً، ووصفهما بالحمق والفجور وصفاً واحداً. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.

وفي صحيح البخاري، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه. أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم بحاجة فيقولوا ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير) قال ابن القيم رحمه الله في هذا الحديث: إسناده صحيح. قال: وقد توعد مستحل المعازف فيه بأن يخسف الله بهم الأرض ويمسخهم قردة وخنازير. قال و (المعازف) هي آلات اللهو كلها، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك. قال: ولو كانت حلالاً لما ذمهم على استحلالها، ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر والحر. اهـ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير