ولقد وقد مصداق ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم من استحلال بعض أمته المعازف وصوت المغنيات، ولا شك أن هذا من تزيين الشيطان وخداعه للناس حتى يفعلوا هذه المعاصي.
وفيما ذكرناه من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم الدلالة الصريحة والبرهان القاطع على تحريم الأغاني وآلات الملاهي من الرجال والنساء، لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة التي تقدم بيان بعضها.
ومما يؤكد تحريم ذلك ويوجب مضاعفة الإثم كون ذلك يلقى في مهبط الوحي ومطلع شمس الرسالة لما يترتب على ذلك من إضلال الناس وفتنتهم ولبس الأمور عليهم، حتى يعتقدوا أن ذلك من الحق كونه صدر من مهبط الوحي وحماة الحرمين الشريفين الذين هم محط أنظار العالم وأمل المسلمين.
ومما يزيد الإثم أيضاً ويضاعف الفتنة أن يشارك في ذلك النساء بأصواتهن الفاتنة المثيرة للغرائز، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء). رواه البخاري، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكن) هذا مع تحجبهن وتأدبهن بالآداب الشرعية، فكيف بحال نسائنا اليوم.
توظيف المرأة في الأعمال التي تدعو إلى مخالطة الرجال: كالإذاعة. والخدمة الاجتماعية. وخدمة الرجال في الطائرات وأشباه ذلك: يفضي إلى مفاسد كثيرة:
اعلم وفقك الله -أن الله جل وعلا الذي خلق الذكر والأنثى جعل بينهما فوارق طبيعية لا يمكن إنكارها، ويسبب ذلك الاختلاف الطبيعي جعل لكل منهما خدمات يقوم بها للمجتمع الإنساني مخالفة لخدمات الآخر.
إعلم. أولاً: أن الذكورة كمال خلقي، وقوة طبيعية. والأنوثة نقص خلقي، وضعف طبيعي، وعامة العقلاء مطبقون على ذلك، ولذلك تراهم ينشئون الأنثى في أنواع الزينة من حلي وحلل. كما قال تعالى: {أومن ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} والتنئشة في الحلية إنما هي لجبر النقص الخلقي الذي هو الأنوثة. بخلاف الذكر، فإن شرف ذكورته وكمالها يغنيه عن الحلي والحلل.
وما الحلي إلا زينة من نقيصة……يتم من حسن إذا الحسن قصرا
وأما إذا كان الجمال موفراً……كحسنك لم يحتج إلى أن يزورا
ولأجل أن الذكورة كمال وقوة جعل الله هذا الكائن في خلقته القوية بطبيعته قائماً على التناقص خلقه التضعيف طبيعة ليجلب له من النفع ما يعجز عن جلبه لنفسه، ويدفع عنه من الضر ما يعجز عن دفعه عن نفسه: {الرجال قوامون على النساء} الآية سورة النساء. ولكون قيامه عليها يقتضي دفع الإنفاق والصداق فهو يترقب النقص دائماً وهي تترقب الزيادة دائماً آثره عليها في الميراث، لأن إيثار مترقب النقص على مترقب الزيادة ظاهر الحكمة، وذلك من آثار ذلك الاختلاف الطبيعي بين النوعين.
ومن آثاره أنه تعالى جعل المرأة حرثاً للرجل: {نساؤكم حرث لكم} الآية. فهو فاعل وهي مفعول به. وهو زارع. وهي حقل زراعة تبذر فيه النطفة كما يبذر في الحب في الأرض، وهذا محسوس لا يمكن إنكاره، لأن آلة الازدراع مع الرجل، فلو أرادت المرأة أن تجامعه لتعلق منه بحمل وهو كاره فإنها لا تقدر على ذلك ولا ينتشر إليها، بخلافه، فإنه قد يحبلها وهي كارهة كما قال أبو كبير الهذلي في ربيبه تأبط شراً:
ممن حملن به وهن عواقد……حبك النطاق فشب غير مهبل
حملت به في ليلة مزوئرة……كرهاً وعقد نطاقها لم يحلل
ولأجل ذلك الاختلاف الطبيعي قال الله تعالى: {ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ظيزى} (3) فلو كانت الأنثى معادلة للذكر في الكمال الطبيعي لكانت تلك القسمة في نفسها غير ظيزى، وإن كان ادعاء الأولاد لله من حيث هو فيه من أشنع الكفر وأعظمه ما لا يخفى.
وقال تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به} الآية (4).فلوا كانت الأنثى معادلة للذكر في الكمال الطبيعي لما ظل وجه المبشر به مسوداً وهو كظيم ولما توارى من القوم من سوء تلك البشارة ولما أسف ذلك الأسف العظيم على كون ذلك المولود ليس بذكر.
¥