تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن آثار ذلك الاختلاف الطبيعي: أن الله تعالى جعل شهادة امراتين في الأموال كشهادة رجل {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان} الآية (1). الله الذي خلقهما وأحاط علماً بما جبلهما عليه وما أودع فيهما من حكمة، ولو لم يجعل الرجل أكمل من المرأة لما نزل امرأتين منزلة رجل واحد، لأن تفضيل أحد المتساويين ليس من أفعال العقلاء، وأحرى خالق السماء جل وعلا.

وقد جاء الشرع الكريم بقبول شهادة الرجال في أشياء لا تقبل فيها شهادة النساء: كالقصاص، والحدود ولو كانا متماثلين في الكمال الطبيعي لما فرق الحكيم الخبير بينهما.

ولأجل هذا الاختلاف الطبيعي وقعت امرأة عمران في مشكلة من نذرها في قوله: {قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً} الآية (2).لما ولدت مريم. ولو كانت ولدت ذكراً لما وقعت في هذا الإشكال المذكور في قوله: {فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى} الآية (3). وتأمل قوله في هذه الآية {وليس الذكر كالأنثى} فإنه واضح في الفرق الطبيعي.

ومن الفوارق الظاهرة بينهما أن المرأة الأولى خلقت من ضلع الرجل الأول، فهي جزء منه. وهو أصل لها: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها} الآية (4). ولذا كانت نسبة الأولاد إليه، لا إليها، وكان هو المسئول عنها في تقويم أخلاقها {الرجال قوامون على النساء} الآية (5). {يا أيها الذين آمنوا قوا نفسكم وأهليكم ناراً} الآية (6). وهو المسئول عن سد خلاتها.

ولأجل هذا الاختلاف الطبيعي والفوارق الحسبة والشرعية بين النوعين فإن من أراد منهما أن يتجاهل هذه الفوارق ويجعل نفسه كالآخر فهو ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمحاولته تغيير صنع الله، تبديل حكمته، وإبطال الفوارق التي أودعها فيهما، وقد ثبت في صحيح البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء) ولو لم يكن بينهما فرق طبيعي عظيم لما لعن صلى الله عليه وسلم المتشبه منهما بالآخر. ومن لعنه صلى الله عليه وسلم فهو ملعون في كتاب الله، لقوله تعالى: {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الآية (1)، كما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه (2).

ولما جهلت أو تجاهلت فارس هذه الفوارق التي بين الذكر والأنثى فولوا عليهم إبنة ملكهم قال صلى الله عله وسلم (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) أخرجه البخاري في صحيحه، ولو كانا متساويين لما نفى الفلاح عن من ولى أحدهما دون الآخر وقد يفهم من هذا الحديث الصحيح أن تجاهل الفوارق بين النوعين من أسباب عدم الفلاح لأن قوله (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) واضح في ذلك. الله جل وعلا جعل الأنثى بطبيعة حالها قابلة لخدمة المجتمع الإنسان خدمة عظيمة لائقة بالشرف والدين. ولا تقل أهميتها عن خدمة الرجل. فهي تحمل وتعاني آلام الحمل مدة وتنفس وترضع، وتصلح جميع شئون البيت فإذا جاء الرجل من عمله وجد أولاده الصغار محضونين، وجميع ما يلزم مهيأ له.

فإن قالوا: هي محبوسة في البيت كالدجاجة.

قلنا: لو خرجت مع زوجها لتعمل كعمله وبقي أولادها الصغار وسائر شئون بيتها -ليس عند ذلك من يقوم به لاضطر زوجها أن يؤجر إنساناً يقوم بذلك فيحبس ذلك الإنسان في بيتها كالدجاجة. فترجع النتيجة في حافرتها، مع أن خروجها لمزاولة أعمال الرجال فيه من ضياع الشرف والمروءة والانحطاط الخلقي ومعصية خالق السماوات والأرض ما لا يخفى.

فإن قالوا: هي في البيت كالمتاع (1).

قلنا بأن المرأة متاع هو في الجملة خير متاع الدنيا، وهو أشد الأمتعة تعرضاً لخيانة الخائنين، وأكثرهم من تخرج المرأة بينهم اليوم فسقه لا ورع عندهم. فتعريضها لنظرهم إليها نظر شهوة ظلم لها، لأنه استمتاع بجمالها مجاناً على سبيل المكر والخيانة.

والخائن يتلذذ بالنظر الحرام تلذذاً عظيماً ...

قال أحدهم:

قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة……ودعوا القيامة بعد ذلك تقوم

وكما أنه ظلم لها فهو مخل بالمروءة والدين والشرف. والعجب كل العجب ممن لا يغار على حرمة مقبلة مدبرة في غير صيانة ولا ستر بين الفسقة بدعوى التقدم والحرية.

وما عجبت أن النساء ترجلت ……ولكن تأنيث الرجال عجاب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير