تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وسمو الهدف، يجتمع ــ على نبل غايته ورحابة فنائه ــ الرجال والنساء، يحفهم السمت المنوه عنه، وبين جمع آخر بين الرجال والنساء على مقصد تعبدي نجده تحديداً في طوافهم سوياً بالبيت العتيق، وسعيهم بين الصفا والمروة، ورميهم الجمار على صعيد واحد، تتجلى في جمعهم المبارك آداب الإسلام الرفيعة، وكل هذا مشمول بالمدلول اللغوي والمصطلح المحدث للاختلاط فهل نمنعه، أو نغالي في التوجس ونقول: ينظم ذلك، فساعة للرجال وساعة للنساء؟!))، وقال: ((والعجب من أناس احتاطوا تحت ذريعة سد الذرائع في أمور لم يجر الاحتياط لها في شعائر الإسلام، فناقضوا مشروعهم ونعوا على أنفسهم، ولا شك أن شيوع مصطلح الاختلاط بدل الخلوة غير الشرعية من الجناية العمدية على المصطلحات الشرعية، وتحميل نصوصها ما لا تحتمل، بل زاد الأمر حيث اكتسى هذا المصطلح الغريب حصانة منتحلة ... !) وقال: ((ولا نختلف أنه ما أعاق تقدم الأمة من شيء مثلما أعاقته التوجسات والأوهام، ولا يخفى أن الفوات العلمي، وغياب معاني النصوص، واحتكار الصواب، وتلقف السائد، دون عرضه على محك النصوص، جناية على الشريعة والأمة) وقال: ((وما ظلم الإسلام مثلما ظلم بالافتراء عليه، وتعظم الفرية عندما تستعار له بعض المفاهيم الوافدة والتصورات القاصرة، على أنها من دين الله وما هي من دين الله، ويزيد الأمانة علة عندما تترسخ هذه المفاهيم على مر السنين ويشتد عودها، وتعالجها النفس من الداخل على أنها دين تدين الله به، في حين لا تعدو كونها عادة وسلوكاً سائداً أكسبه الوقت القرار في النفوس، يلوح في الأفق كالفجر الكاذب لا يجليه إلا ضياء الصبح!!)).

وقد ذكّرني هذه الكلام الهابط كلاماً ساقطاً ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 364) وعقَّب عليه بقوله: ((وهو كلام آذى قائله به نفسه، وفي حكايته غنى عن تكلف الرد عليه))، ومن الناس من يُبتلى بكلام يكون سبباً في إسقاط نفسه، وقد قيل: كم من كلمة قالت لصاحبها: دعني، ولو رفع اسم هذا المسئول المكبَّر عن مقاله لتبادر إلى الأذهان أن كاتبه شخص لا علاقة له بالعلم الشرعي، وصدق الأديب الذي قال: حصوننا مهددة من داخلها، وقد ختم هذا الكاتب مقاله بكلمة جميلة فقال: ((وكل سيحاسب على قوله وفعله، ودين الله لا يخاطر به ولا يزايد عليه))، والمأمول منه وفقه الله أن يكون أول المستفيدين من هذه الكلمة فيتقي الله في نفسه وفي غيره ويرجع عن هذا المقال الذي شانه ويتبرأ منه فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، ويحضرني بمناسبة هذا النشاط الجديد في الصحف بنشر ما فيه تأييد الاختلاط في التعليم الجامعي وغيره قصة للخليفة العباسي المهدي رحمه الله ذكرها جماعة من العلماء منهم السيوطي في تدريب الراوي (1/ 285) قال في معرض ذكر أقسام الوضاعين للحديث: ((وقسم تقربوا لبعض الخلفاء والأمراء بوضع ما يوافق فعلهم وآراءهم، كغياث بن إبراهيم حيث وضع للمهدي في حديث (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر) فزاد فيه: (أو جناح)؛ وكان المهدي إذ ذاك يلعب بالحمام، فتركها بعد ذلك وأمر بذبحها، وقال: أنا حملته على ذلك))، وقد أحسن الخليفة المهدي في تخلصه من الحمام الذي كان يلعب به لكونه سبباً في وقوع ذلك الرجل في هذه الورطة، وخادم الحرمين حفظه الله أولى بمثل هذا الإحسان من المهدي، فالمؤمل منه حفظه الله التقرب إلى الله بإصدار أمره المطاع بمنع الاختلاط بين الرجال والنساء في هذه الجامعة التي تورط بسببها من تورط، وكذا منع الاختلاط في المجالات الأخرى في بلاد الحرمين، وحصول هذا الإحسان منه أعظم من الإحسان الذي حصل من المهدي؛ لأن لعب المهدي بالحمام الذي تخلص منه لا يتعدى ضرره إلى غيره، وأما الاختلاط فإن الإحسان في منعه فيه السلامة من الضرر العام لهذه البلاد حكومةً وشعباً، وفيه أيضاً بقاء النساء في هذه البلاد على الحشمة والمحافظة على الفضيلة التي كانت عليها منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز في عهده وعهود أبنائه من بعده: سعود وفيصل وخالد وفهد رحم الله الجميع، وفيه أيضاً بقاء الذكر الحسن في هذه الحياة الدنيا لخادم الحرمين الشريفين وفقه الله وسلامته من تبعات حدوث الاختلاط بين الجنسين في عهده يجد فائدة هذا المنع يوم يلقى ربه يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير