تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عن حسن حاله ومآله.

ثالثاً: في الحديث دليل وإن شئت فقل في الحديث بشرى عاجلة لكل عبد، رجل كان أو إمرأة صنع هذا الصنيع وعمل هذا العمل وذلكم بثمرة المحبة عليه وهذه الثمرة تتضمن شيئين:

الأول: حفظ الله لذلكم العبد في سمعه وبصره ويديه ورجليه يحفظه الله في كل حال وهذا صريح في قوله «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها» والمقصود أن الله مع ذلكم العبد يا مسلمون ويا مسلمات يسدده ويعينه ويكلأه ويحفظه فهو نظير قوله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ? [الأعراف:201]، فمن فضل الله على ذلكم العبد الذي حافظ على فرائض الله واستكثر مع ذلكم من النوافل والتطوعات والمندوبات والسنن والمستحبات أن الله سبحانه وتعالى لا يتركه فريسة للشيطان يكون معه، وفي ذلكم قوله صلى الله عليه وسلم لأبن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك ... الحديث».

الشيء الثاني: من ثمرة محبة الله لذلكم العبد صاحب الفرائض والنوافل أن الله سبحانه وتعالى يعطيه سؤاله ويعيذه مما استعاذه، يعطيه سؤاله يجيبه إذا دعاه وهذا المطلق جاء مقيداً في صحيح السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «ما من عبد يدعو الله بما ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم إلا كان له من الله إحدى ثلاث: أن يعجل له ما دعا، أو يصرف عنه من السوء مثله، أو يدخر له ذلك في الآخرة»، والله عوذ له ومجير له فهو مع ذلكم العبد في رخاءه وشدته وعسره ويسره لا يتخلى الله سبحانه وتعالى عن ذلكم العبد، فالجزاء يا مسلمون ويا مسلمات من جنس العمل، فمن كان مع الله سبحانه وتعالى مستقيماً على فعل أوامره ومستقيماً على ترك نواهيه مخلصاً في ذلكم لله متابعاً سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله معه.

السبب الثاني: الإستقامة على العهد لمن أعطي العهد وفي ذلكم يقول الحق جل ثناءه: ?فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ? [التوبة:7]، المعنى الإجمالي بإختصار للآية ما استقام لكم الكفار على ما بينكم وبينهم من العهد فبادلوهم أنتم الوفاء بالعهد، إستقيموا لهم كذلك إن الله يحب المتقين فالآية أيها المسلمون والمسلمات تتضمن مأموراً به وعلة ذلك المأمور.

فالمأمور به استقامة المسلمين على ما أعطوه للكفار من العهد وأن يوفوا به ما دام الكفار مستقيمين لهم على عهدهم.

الشيء الثاني: علة المأمور به ?إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ? [التوبة:7]، فهذه الجملة تفيد:

أولاً: أن الوفاء بالعهد لذي العهد محبوب لله سبحانه وتعالى وأنه من التقوى، من تقوى الله سبحانه وتعالى التي يحبها ويحب أهلها فبان بهذا أن الوفاء بالعهد من صفات المتقين التي يحبها الله ويحب أهلها وإن شئت فقل من وفى لذي العهد بعهده نال محبة الله سبحانه وتعالى وهذا هو صريح الآية ?إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ? فوجب على هذا أن يوفي المسلمون لذي العهود بعهودهم سواءاً في ذلكم ما كان العهد عقده بين الإمام (ولي الأمر) وبين دول، أو كان بين فرد من أفراد المسلمين مع أفراد من أفراد الكفار، قال صلى الله عليه وسلم «المسلمون تتكافئ دمائهم ويسعى في بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم» واعلموا أيها المسلمون أن نصوص الشارع الصحيحة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي مستفيضة أو متواترة قد جاءت بالتشديد والتأكيد على الوفاء بالعهد وتحريم نقضه وأن نقضه من مساخط الله سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسير كذا وكذا» وأجمع أهل العلم والإيمان على أنه يجب الوفاء لذي العهد بعهده وإن كانت دولة ذلكم المعاهد حربية للمسلمين وأنه يوفي لذلكم المعاهد حتى يبلغ مأمنه وبهذا تعلمون أنما يحدثه ما يحدثه بعض المسلمين من التصرفات الهوجاء والحوادث العوجاء ليست في بلاد الكفار أو من الإعتداءات على الكفار في بلاد الإسلام ليست هي مما يحبه الله ورسوله ولا ما يحبه المؤمنون ليست هي من أهل السنة في شيء لئن فعلها بعض المسلمين فلا يجوز أن تنسب إلى أهل الإسلام الذين هم على السنة فأولئكم إمّا جهال لا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير