كما سمعت من وصف “رسائل النور” بالثورية، وأنا مع هذا الوصف ولكن ليس بالمفهوم السياسي للكلمة، فهذا غير موجود في رسائل النور، مع إنني متأكد تماما أنه لو قام بديع الزمان بالدعوى إلى استعمال العنف لاسقاط الحكومات العلمانية لأصبحت رسائل النور مطلوبة القراءة في جميع الجامعات الغريبة، ولأصبح اسم بديع الزمان اسما مألوفا في كل بيت في العالم الغربي. ذلك لأن الغرب يحمل ضعفا أمام مظاهر التشدد، ولا سيما عندما يتلون هذا التشدد بعقيدة دينية، وهل هناك أحسن أو أجمل أو أشهى في عيون الوسط الغربي من منظر ينقل إليهم من بلد بعيد منظر آلاف المسلمين الغاضبين الذين يصرخون: “الموت لأمريكا”، ويطالبون بالثورة وبالعودة إلى الشريعة؟ ... فالغرب لم يعد بحاجة لإزعاج نفسه حول كيفية تشويه صورة الإسلام، لأننا _نحن المسلمين– نفعل ذلك لهم، ولا يبقى لهم إلا مهمة القيام بتسجيل ذلك على الفلم بكل بساطة ثم عرضه.
وأنا أتذكر مظاهرة مماثلة شهدتها قبل أكثر من عشر سنوات في بلد يعرف فيه أمريكا بأنه “الشيطان الأكبر”، ولكن الذي أذهلني آنذاك أن أرى أن 70 % تقريبا من ذلك الزحام كانوا يلبسون الملابس من ماركة “لويز” كما أن أعقاب السجاير التي بقيت بعد انفضاض المظاهرة كانت إما من سجائر “مالبرو” أو “ونستون”، فكأن هناك يد تقطع (أو تتظاهر بالقطع) الأربطة التي تقيدنا مع الغرب، ويدا أخرى تشد هذه الأربطة وتقويها أكثر فأكثر.
ومع هذا فنحن لا نزال نقول:
لقد تكلمنا بما فيه الكفاية، وقد حان وقت العمل.
حتى إنني سمعت القول نفسه بخصوص رسائل النور، فقد قال أحدهم عنها:
إنها عبارة عن مجرد أقوال، إذ لا تجد فيها حركة.
ولكننا في الحقيقة
لم نتكلم حتى الآن،
كل ما عملناه هو أننا عولنا وندبنا وبكينا، ولأننا
لم نتكلم،
ولم يحدث أحدنا الآخر حديث أخ لأخيه،
ومؤمن لمؤمن،
ومسلم لمسلم،
باسم الله وبلغة القرآن، وبلغة كتاب الخلق،
فإننا عندما بدأنا بالعمل أخطأنا الطريق،
وعملنا دون نظام ودون صلاحية ودون مقياس صحيح، أو مرجع صالح يتخذ إطار عمل. وهذا هو السبب في أننا في النهاية لم ننجح في الوصول إلى نتائج باقية ودائمة، والغرب يعلم هذا تمام العلم.
كلا ... إن الثورية التي دافع عنها بديع الزمان ليست من نمط تلك الثوريات الصاخبة التي كانت تجوب شوارع طهران والقاهرة والجزائر.
إن الثورية التي تصورتها رسائل النور هي ثورة في العقل وفي القلب وفي الروح، إنها ليست ثورة إسلامية، ولكنها ثورة إيمانية،
وتعمل هذه الثورة في مستويين:
فهي مصممة أولا لكي تقود المسلمين من إيمان تقليدي إلى إيمان تحقيقي (أي قائم على التفكير والتأمل)، ثم لكي تغير المؤمنين وتحولهم من عبادة أنفسهم إلى عبادة الله، وهذا هو السبب في أن الذين يهيمنون على الغرب ويقودونه يخشون رسائل النور خشية كبيرة.
وختاما أود أن أقول ما يأتي:
بعد سنوات عديدة من البحث والمقارنة أستطيع أن أقول:
إن رسائل النور هي المؤلّف الإسلامي الوحيد الشامل والمكتفي بنفسه، والذي يرى الكون كما هو في الواقع، ويقدم حقائق الإيمان كما هي، ويفسر القرآن كما أراده نبينا صلى الله عليه وسلم، ويشخص الأمراض الحقيقية الماحقة التي ابتلي بها الإنسان، ويقدم له الدواء الناجع والشفاء.
إن مؤلَّفا مثل رسائل النور الذي يعكس نور القرآن، ويضيء الكون ... مثل هذا المؤلف لا يمكن تجاهله أبدا، ذلك لأن الإسلام هو وحده الحائل والحاجز بين الإنسان وبين الكارثة،
وأنا أعتقد أن مستقبل الإسلام يعتمد على رسائل النور وعلى الذين يتبعونها ويستلهمون من تعاليمها ودروسها.
[1] ( http://www.nurmajalla.com/article.php?c=1&cid=1&id=225#_ednref1) ، ترجمة: أورخان محمد علي A Revolution Of Belief .
[2] (http://www.nurmajalla.com/article.php?c=1&cid=1&id=225#_ednref2) د. كولن تورنر، جامعة دورهام– انكلترة: ولد عام 1955 في مدينة برمنغهام في انكلترة. تشرف الانتساب إلى الإسلام عام 1975. أكمل تعليمه العالي في جامعة دورهام واختص باللغة العربية واللغة الفارسية. قدم فيما بعد رسالة دكتوراه في موضوع “الحركات السياسية والدينية في العهد الصفوي في ايران”. يدرّس حالياً في جامعة “مانشستر”. عكف على دارسة رسائل النور منذ عشر سنوات وهو متزوج واب لثلاثة أطفال.
[3] ( http://www.nurmajalla.com/article.php?c=1&cid=1&id=225#_ednref3) المسؤول الأول في الاتحاد السوفياتي السابق.