تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بمعنى أن رجل العلم الفقيه لا يصح له القول إلا في دائرة التربويات الفردية و في الفقهيات العبادية أما شؤون السياسة و النقابة فلغيره، ولذلك الأنصاري رحمه الله في تآليفه الأخيرة قدم أطروحة تجديدية ليس في ما له علاقة فقط بالفرد تجاه ربه وإنما قدم أطروحة إصلاحية تغييرية في علاقة الفرد بالمجتمع، بمعنى أنه يقول أن العالم و الفقيه الأصولي قادر على صياغة المشاريع الإصلاحية الكبرى وليس دوره مرتبط بالعبادات الفردية.

مرحلة المراجعة: من القرآن إلى العمران

بعد أن اتضح للأنصاري أن لا مكان له في هذه الحركة الإصلاحية لسيطرة التكنوقراط و السياسي على شؤونها، انسحب بهدوء تام دون ضجيج، وعمل على أن يقدم مشروعه الإصلاحي كما يراه هو، و إن للمسيرة العلمية الأكاديمية التي قضاها الأنصاري في رحاب الجامعة و البحث العلمي، كان لها أثرا كبيرا في دراساته الإصلاحية الدعوية التربوية، و كانت جميع مصنفاته ذات الاتجاه الإصلاحي منذ سنة 2000 إلى سنة 2007، تعطي للقارئ صورة واضحة، أن الكاتب متمرس في البحث العلمي الأكاديمي، و كأن كتاباته موجهة إلى طلاب الجامعة و أساتذتها من الباحثين،

فترى الأنصاري في كتاباته هذه، يخاطبك بلغة الباحث لا بلغة العالم الحافظ لمجاميع العلم، يكتب دون مقدمات و لا منهج و لا نتائج، و دون أن يحيل على من أخذ عنهم،

بل ممكن أن أقول إن هوامش كتابات الأنصاري لوحدها تجمع الفوائد الجمة، بل في الهامش يذكر من أخذ عنه العلم مشافهة حرصا على الأمانة العلمية، هذه نظرة مجملة إن تناولت كل كتاب على حدة بالقراءة و الدراسة.

إن كتابات الأنصاري النقدية التصحيحة لا يمكن فهم مقاصدها ومراميها إن لم تقرأ جميعها، و أيما قارئ اقتصر على كتاب دون آخر سيقع في الأحكام المتسرعة، و أعتقد أن رسائل الأنصاري النقدية التصحيحة لحركات الإصلاح الإسلامي بالمغرب، دشنها بكتابه

" الفجور السياسي و الحركة الإسلامية بالمغرب: دراسة في التدافع الاجتماعي"

الذي صدر سنة 2000، هذا الكتاب يستعرض فيه تشخيصا دقيقا لواقع المغرب الديني و القيمي و السياسي، وهنا أشير إلى أن بعض من انتقد الأنصاري، لعدم نقده للأوضاع القيمية المتردية التي يعيشها المغرب و المغاربة، وتركيزه فقط على الحركة الإسلامية إثر صدور كتابه

" الأخطاء الستة للحركة الإسلامية المغربية "

سنة 2007، هذا النقد غير صائب، لأن كتاب الفجور السياسي تشريح للواقع المغربي على كل مستوياته تشريحا دقيقا، ليبين أن معركة المغرب في بداية القرن الواحد و العشرين هي معركة " القيم و التدين" و يتساءل في نهاية الكتاب قائلا: هل الحركة الإسلامية في المغرب داخل حلبة الصراع أما خارجه؟ وبين أن الحركة الإسلامية المغربية هي على اختيارين؛ اختيار التصادم الذي تمثله جماعة العدل و الإحسان و اختيار المشاركة الذي تمثله حركة التوحيد و الإصلاح، و انتقد كلا الاختيارين لأنهما في نظره يبتعدان عن حلبة الصراع الدائرة في المغرب، بمعنى ما تضمنه كتاب الأخطاء الستة هو مجرد تفصيل لما أجمل في كتابه الأول الفجور السياسي في بعض من جوانبه، ثم جاءت رسائله تترى كل واحدة منها تشرح الأخرى و تؤكد على مدار

أطروحته الإصلاحية" من القرآن إلى العمران"

عكس ما سلكته الحركة الإسلامية الإصلاحية " من العمران إلى القرآن"، ثم صدر له بعد كتاب الفجور السياسي في سنة 2002؛ كتاب" بلاغ الرسالة القرآنية: من أجل إبصار لآيات الطريق" و هذا الكتاب هو خلاصات جاءت إثر رحلة الأنصاري لأداء فريضة الحج عام 2000، و التي يقول عنها أنها كانت سببا في إعادة النظر و المراجعة لواقع العمل الإسلامي، و الكتاب أيضا هو في أصله مدارسات قرآنية بمدينة مكناس، و واضح كما يعلن في مقدمة الكتاب على الهامش،

الأثر الكبير الذي رسخته رسائل النور لبديع الزمان النورسي في تعامله مع القرآن الكريم،

كما يشير إلى مدارسته القرآنية مع الأستاذ أحمد العبادي في معاني البصيرة،

وقد تضمن أيضا الكتاب نقداً حاداً للحركة الإسلامية فيقول مثلا:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير