تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم درست الجامعة (كلية الشريعة) في وسط عواصف فكرية وجدالات مذهبية بين المدرسين والطلاب، تحتاج حقيقة لوقفة طويلة، ولا أزال أحتفظ بتلك الذكريات موثقة، وتخرجت في كلية الشريعة بتقدير ممتاز أيضاً وكنت من العشرة الأوائل على الكلية، ولكن الجامعة رفضت قبولي في الماجستير ومعي العشرة الأوائل كلهم في البداية، ثم بعد ما تقدم الزملاء بشكوى لأحد المسؤولين في الجامعة، ولم أكن موجوداً وقتها بالمدينة بل كنت في مكة، وافقوا على عمل اختبار لنا نحن (المتفوقين)!!، بينما اختبر المرشحون الآخرون في اختبار مستقل، ولا أزال أحتفظ بالأسئلة التي وجهت لنا، وأنا أجزم أنها وضعت للتطفيش، ولا أدري ما فعلنا، يبدو أن الامتياز كان مشكلة لي في الجامعة منذ قبولي فيها حتى عدم قبولي في الماجستير، وقد سألت أحد الأساتذة وقت الاختبار المخصص لنا فنظر إلي ضاحكاً وقال: أعانكم الله.

ثم أُعْلِنَت النتائج شفهياً، فكنا نجلس خارج صالة التصحيح، وكان أحد المدرسين يخرج بعد كل ثلاث دقائق تقريباً ويقول: فلان لم تقبل!، ثم يعود إلى مأمنه، ثم يكررها مع كل واحد منا، حتى بقيت أنا وأحد الزملاء آخر من بقي، فتأخروا قليلاً ثم خرج وقال: فهد لم تُقبل!.

فذهبتُ بعدها ولم أرجع للجامعة إلا بعدها بسنين زائراً، هكذا كانت دراستنا في الجامعة، وهكذا أُبعدنا، علماً بأنني حصلت في التخصص على الدرجات الكاملة أي: (5 من 5).

ومع ذلك فأنا أحتفظ للجامعة بذكريات جميلة جداً، ذكريات العلم والعلماء، والأصدقاء الفضلاء، وقد درَّسَنَا فيها مجموعةٌ من المشايخ والعلماء على رأسهم: الشيخ عبد المحسن العباد، والشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي، والشيخ الدكتور محمد سعد اليوبي، والشيخ الدكتور عبد الكريم العمري، والشيخ الدكتور محمد السديس، والشيخ الدكتور علي السديس، وغيرهم كثير فقد كان نظام الجامعة ـ ذلك الوقت ـ أن يتولى كل مُدَرِّسٍ ساعةً واحدةً في الأسبوع، وكنا ندرس خمس ساعات يومياً.

بعدها تقدمتُ لخمس جهات علمية هي: كلية الشريعة بالرياض، وكلية الدعوة بالرياض، والمعهد العالي للقضاء بالرياض، وكلية الدعوة بمكة، وكليات المعلمين، وقبلت فيها كلها والحمد لله، ولم أقبل في جامعتي التي تخرجت فيها!!.

فدرستُ في البداية في المعهد العالي للقضاء تخصص (الفقه المقارن) ثم غيرت وجهتي إلى كلية المعلمين في تبوك فعُينت في قسم الدراسات القرآنية، كان ذلك في صفر الخير عام 1420هـ، ثم واصلت الدراسة لمرحلة الماجستير في كلية أصول الدين بجامعة الإمام بالرياض في تخصص (التفسير وعلوم القرآن)، وهنا تعرفت على فضلاء كثيرين، منهم شيخنا وأستاذنا القدير الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشايع، والدكتور إبراهيم الدوسري، والدكتور زاهر الألمعي، والدكتور إبراهيم الهويمل، والدكتور عبد الله الشثري، والدكتور سعيد الفلاح، والدكتور عبد الله العماج، والدكتور نواف الحارثي، والدكتور عبد الرحمن المحميميد، والدكتور الخطاط الأديب فهد الضالع، وغيرهم من الفضلاء الكرام الذين استفدنا منهم ومن علمهم، وتعرفت أيضاً خلالها على الدكتور مساعد الطيار والدكتور عبد الرحمن الشهري الذي ننتمي هو وأنا إلى رحم واحدة حيث أشرف عليه وعليَّ الدكتورُ محمد الشايع حفظه الله .. وكانت رسالتي للماجستير بعنوان: (منهج الاستنباط من القرآن الكريم) وهي مطبوعة ولله الحمد، ولا أدري هل ارتقت لمستوى الرسائل المتميزة أو لا!!.

ثم درست الدكتوراه في جامعة أم القرى بمكة المكرمة تخصص (الكتاب والسنة) وتعرفت فيها على شيوخنا الأفاضل الدكتور سليمان البيرة، والدكتور أمين باشا، والدكتور عبد العزيز عزت، والدكتور غالب الحميضي، والدكتور وصي الله، والدكتور محمد بازمول، وغيرهم من الفضلاء .. وكانت رسالتي للدكتوراه بعنوان: (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه وأثرها في التفسير) ..

ثم انتقلت للعمل في جامعة طيبة عام 1429هـ .. وبهذا أكون درستُ وعملتُ في خمس جامعات سعودية هي: الجامعة الإسلامية بالمدينة، وجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، وجامعة أم القرى بمكة، وجامعة تبوك، وجامعة طيبة، وقد أثر في هذا التنوع الثقافي الجميل ..

أحببتُ العلمَ وأهلَه، ودرستُ على فضلاء المشايخ الكرام، واستفدت منهم، وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين، والشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين، والشيخ عبد الله بن غديان، رحمهم الله جميعاً، وكل واحد من هؤلاء الأعلام قد تلقيت عنه مباشرة بالجلوس في حلق الدروس، ثم بالقراءة في كتبه، ثم بالاستماع لدروسه، رحمهم الله وأعلى منزلتهم، وقد كانوا يدرسون العلم والخلق، ولي مشاهدات في دروسهم لعلها تكون في موضوع آخر.

كما استمعت إلى أكثر دروس الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله وأنا معجب جداً به وبعلمه وأخلاقه، وقد كتبت عنه مقالاً بعنوان: [ذكرريات تربوية وعلمية .. مع العلامة الأمين (صاحب أضواء البيان) لا تجدها في كتاب].

أؤمن بأن القدر دائماً هو الخير للإنسان ولو كلف الإنسان بوضع خطة له فلن يضع أفضل مما قدر له، وأحب الأدب وأهل الادب، وأكره الحديث الذي لايثمر، وأتعجب من سطوة الناس على الكلام، وأنا محب لتاريخ المدينة النبوية منذ صغري، وقد صورت كثيراً منها، وكتبت عنها، وألقيت، وأنا الآن أجد أنني أطلتُ كثيراً، لذا سأقف هنا، وفي الجعبة الكثير عن هذه الحياة ..

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

21/ 5 / 1431هـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير