ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Sep 2010, 02:44 ص]ـ
شُغلنا في الرضى والغضبي، فالمسامحة أحبتي.
ولقد مضى وقت طويل، أنهك الذاكرة، وأرهق الفكرة، وأمات السانحة.
ولكن آنى لي الفرار مما التزمت، وكيف لي بالرواغ مما وعدت.
وأخص أخي الحبيب، اللبيب الأديب، اللطيف الظريف، نعيمان، فوعدي له بسانحة يطوقني، وجميله يأسرني.
ومن ثم استسمحه وكل إخوتي في قبول مابقي في دهاليز الذاكرة، فالهم يخترم الجسيمَ نحافةً -على رأي المتنبي-، فما بالكم بالنحيف أصلا.
وإن أنسى، لا أنسى تلك الوجوه النيرة، والعقول المستنيرة، التي رسمت لهم في البال صورا مهيبة، وفي القلب مكانة عظيمة، من الزملاء في الملتقى، فسعدت برؤية الدكتور. أحمد بزوي الضاوي، الدكتور. عبدالعزيز بن حميد الجهني، الدكتور. يحيى الغوثاني، الدكتور. فهد بن مبارك الوهبي، الدكتور. حاتم القرشي، الدكتور. أحمد خالد شكري، الدكتور. السالم الجكني الشنقيطي، الدكتور. أحمد العمراني، الشيخ الحسن محمد ماديك، الدكتور. أحمد السديس، الدكتور. عبدالله بن حماد القرشي، الدكتور. محمد بن سريع السريع، الدكتور. سالم بن غرم الله الزهراني، الدكتور. بدر البدر، الدكتور. ناصر القثامي، وطبعا لا أغفل ذكر من قد رأيتهم قبلا كمشرفنا الحبيب، أو عالمنا الجهبذ المصلح، وغيرهم ممن أرجوهم أن يغفروا لي غياب أسمائهم.
فكان أول تعارف، بعد التسليم على الشيخ المصلح، بالحبيب الخلوق الدكتور الجهني، وما حييت لن تغيب عن ذاكرتي، تلك الإبتسامة الندية، ومشاعر الإخاء الصادق، وهكذا بمزيج من الفرح توالى التعارف على بعضنا البعض، كلما سنحت فرصة في القاعة، أو خارجها.
أما ما يتعلق بمرور أخي نعيمان على خاطري، فسببه تعليقاته الظريفة على مؤتمر التفسير الموضوعي في موضوع سابق، إذ علقت في ذهني بعض المواقف الطريفة في المؤتمر، أذكر منها: حين الغداء، وبعد أن تكرم المضيفون – حفظهم الله- بالتنسيق والاعداد البديع مادة ومكان، وخرجنا على الشريط الساحلي للمدينة، وصولا الى مقر الغداء، الذي تأخر نسبيا بسبب ظروف المؤتمر، ولكم تصور مقدار الجوع حال تأخر الوجبة للجميع، المهم قدم الطعام الشهي من المشمر والمحمر، وكان الهجوم كاسحا، فضربات الجوع بلغت مداها، فكان لا بد من هجوم مضاد يعين على التصدي والمقاومة، ابتسمت، لما أعلمه من عادة الشعب المغربي في عادة تقديم وجبات المناسبات، والتفت الى الأخ الغامدي بجانبي، وهمست له، أبقي متسعا كبيرا، للطبق الأهم، فكان يأخذ من قولي ويدع، الجوع يرغمه على الإقدام، ونصحي يدعوه إلى التريث، وأظن أنه وثق فيَّ، وأبقى ما يكفي لما سيأتي، شبع البعض، وبدأ يتنفس بعمق وهو يحمد الله بعد .... ، فرفع الصحن الضخم من أمامنا، وبعد لحظات جاء آخر، وكانت المفاجأة، صحن ضخم مليء باللحم والبرقوق واللوز و و، ندم البعض أن لا يجد مكانا لهذه الأكلة التي يسيل لمنظرها ورائحتها اللعاب، وغامر البعض الآخر وأقدم مخاطرا ولعله يسأل الله أن يكون في عون معدته، إلتفت للأخ الغامدي، وقلت له: هاه تيقنت الآن، رد ضاحكا بالايجاب، فالتفت القوم إلينا، فأعلمهم الخبر، وأنني أخبرته أن من عادة الشعب المغربي في هذه المناسبات أن يقدموا الوجبة على ثلاث مراحل، أولها الدجاج المحمر والمشروبات، ثم بعده يأتي الصحن الرئيسي وهو صحن اللحم بالبرقوق، ثم يختم بالفواكه والحلويات، ويبسق كل ذلك ابتداء الحلوى والشاي، وهنا نظر البعض شزرا للغامدي وصاح لِمَ لَمْ تنبهنا، فأشار إلي، وابتسمنا منشغلين بإكمال الطعام.
وهنالك تفاصيل كثيرة، أحرص على ثمين وقتكم من سردها، وأهم ما ميز الجلسات بما فيها جلست الطعام، أنه ما من لحظة إلا وتجد كل أحد يتناقش مع زميله، أو مع مجموعته كما هو الحال أثناء الغداء في الجلوس فرقا على الطاولات، وما سقط نظري على مجموعة إلا ووجدت النقاشات العلمية، والحديث الجدي في قضايا القرآن، والدين، والعلم عموما، حتى أنه كان من حظنا أن جلس في طاولتنا الدكتور الغوثاني وأمتعنا بالكثير من الفوائد العلمية في عدة علوم منها مجال الميتافزيقيا والباراسيكلوجي.
حقيقة لا يتسع المجال لسرد جم الفوائد التي يستفيدها طالب العلم مع كوكبة كمثل هؤلاء الأعلام، ناهيك عن السعادة التي تغمره وهو يطوف بصحبة العلم وحسن السلوك، وجميل الفكاهة، وكمال الأدب.
أعتذر أحبتي إن أطلت أو تأخرت، وتالله إنها للحظات طيبة مفيدة، أن تصحب أهل القرآن.