تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قائمة الخطر، ويتوقع ان تستخدم البشرية في القرن الحادي والعشرين 12 لغة فقط (1) ويرى بعضهم ان اللغات ذات الانتشار سوف تكون في حدود ست لغات, والسؤال الذي لا بد ان نورده في هذا المجال هو ما موقع اللغة العربية مما ذكرناه, وبعبارة أخرى هل هي ضمن اللغات الموضوعة في قائمة الخطر؟ أم هي من اللغات السعيدة الست التي قد يكتب لها البقاء والانتشار؟ إن الاجابة على هذا السؤال ليست من السهولة بمكان، إذ استمرار اللغة وديمومتها يعتمد بالدرجة الأولى على وعي الأمة التي تنتمي اليها هذه اللغة وحرصها على رعايتها وحمايتها ونشرها في أرجاء العالم، والعمل على تقدمها، وجعلها صالحة لمقتضيات العصر الحديث ومعطيات الحضارة المعاصرة، وتلك أهداف كبرى تخطط لها الدول المتقدمة، وتجري من أجلها الدراسات وتقيم المؤسسات المتخصصة ومراكز البحوث، وليس بخاف ما تقوم به الولايات المتحدة من جهود لنشر الثقافة الامريكية من خلال الامكانات الهائلة الموظفة في هذا المجال، وتعد اللغة الانجليزية في طليعة ركب هذه الثقافة فهي الناطقة بلسانها والمعبرة عن اوجهها المختلفة، كما لا يخفى ما تقوم به بريطانيا من خلال المجلس البريطاني وغيره من مؤسسات لخدمة اللغة الانجليزية ونشرها في العالم وتثبيت وجودها في الدول التي نطقت بهذه اللغة، اما فرنسا فهي من أكثر امم الارض اعتناء بلغتها وحرصا عليها وعلى نشرها بين الناس، والمحافظة على المناطق التي انتصرت فيها هذه اللغة وانتشرت فيها، وتتبدى جهودها المكثفة في أنشطة كثيرة سواء من خلال المؤسسات العلمية المختلفة او من خلال منظمة الفرنكفونية التي اصبحت منظمة سياسية تستقطب الدول الناطقة بالفرنسية، وتعمل على ربط هذه الدول من كمبوديا حتى كندا باللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية وما ينبثق عن هذه المنظمة من مؤسسات تعمل جميعها في خدمة هذه اللغة والثقافة التي ترتبط بها.

نحن إذن ندخل سباقا رهيبا لا خيار لنا فيه، والعالم يتحرك بسرعة ولا مكان للمترددين والمتثاقلين، وإذا كنا نريد للغتنا العربية ان تصمد في هذا المعترك كي نحفظ ثقافتنا من الذوبان ووجودنا من الاضمحلال فلا بد لنا من وضع الخطط المناسبة وتقوية المناعة الذاتية في الجسم العربي الثقافي، وتأكيد الانتماء الى الجذور الثقافية العربية والتعامل مع اللغة الأجنبية بشيء من الحذر، وبث الوعي بين الناس بأهمية الانتباه الى الشأن اللغوي بوصفه مكونا مهما من مكونات الشخصية العربية الإسلامية.

ولعل أول ما ينبغي ان يشار اليه عند الحديث عن وجوب إيقاظ الوعي اللغوي عند الناس التأكيد على الضرر الذي يمكن ان يلحق اللغة من جراء التساهل في استعمال اللغة الأجنبية الدخيلة أثناء الكلام العربي سواء فيما يخص المفردات او التعبيرات او الرموز والمختصرات، وخلط هذه العناصر الغريبة باللغة العربية، سواء في مجال الحديث او الكتابة.

والواقع ان اللغات قد تضطر الى استخدام اللفظة الأجنبية مؤقتا او بصفة دائمة لكن ذلك لا بد ان يخضع لضوابط معينة، ولا يكون عشوائيا، وقد عرف اسلافنا منذ القدم المعرب والدخيل والفوا فيه الكتب والرسائل التي رصدوا فيها ما دخل العربية من الكلمات الأجنبية، وهي كلمات قليلة إذا قورنت بثروة المعجم العربي الهائلة، وحتى في زمن الاحتكاك الحضاري بين العرب والأمم الأخرى فإن العرب لم يأخذوا من هذه الأمم إلا بمقدار ما يسد حاجتهم الماسة للتعبير عن بعض المعاني التي لم تكن موجودة في لغتهم، ولم تفتنهم لغات الحضارة المجاورة مثل لغتي الفرس والروم عن لغتهم الأم بل زادتهم تمسكا بها وحرصا عليها، والعجيب في التجربة التاريخية العربية في هذا الشأن ان أبناء الأمم المتحضرة الأخرى هم الذين كانوا يتسابقون لتعلم العربية، بل هم الذين نبغوا فيها وشاركوا على نحو مدهش في وضع قواعدها، وجمع معجمها انطلاقا من الشعور الإسلامي الرائع الذي أحل العربية ارفع المنازل لكونها لغة التنزيل الكريم، ولغة الأمة الإسلامية.

تنقسم المصطلحات الأجنبية التي وفدت إلينا الى نوعين رئيسيين:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير