أولاً: العَمر - بفتح العين - والعُمر، بضمة واحدة وبضمتين: مدة الحياة، والجمع أعمار. ,وإذا أرادوا القسم قالوا: لعَمرك، ولعَمري، بفتح العين فقط. وفي القرآن المجيد: (لعَمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) الحِجر 72 لم يُقرأ إلا بالفتح.
وقد نقل الشيخ بكر أبو زيد في كتابه: معجم المناهي اللفظية 277 - 279 عن القرطبي قوله: " كره كثير من العلماء أن يقول الإنسان لعمري؛ لأن معناه وحياتي. قال إبراهيم النخعي: يكره للرجل أن يقول لعمري؛ لأنه حلف بحياة نفسه، وذلك من كلام ضعفة الرجال. ونحو هذا قال مالك: إن المستضعفين من الرجال والمؤنثين يقسمون بحياتك وعيشك، وليس من كلام أهل الذكران، وإن كان الله سبحانه أقسم به في هذه القصة، فذلك بيان لشرف المنزلة والرفعة لمكانه، فلا يحمل عليه سواه ولا يستعمل في غيره. وقال ابن حبيب: ينبغي أن يصرف "لعمرك" في الكلام لهذه الآية. وقال قتادة: هو من كلام العرب. قال ابن العربي: وبه أقول، لكن الشرع قد قطعه في الاستعمال ورد القسم إليه.
قلت. القسم بـ " لعمرك ولعمري" ونحوه في أشعار العرب وفصيح كلامها كثير.
قال النابغة:
لعمري وما عمري علي بهين ... لقد نطقت بطلا على الأقارع
آخر:
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخى وثنياه باليد
آخر:
أيها المنكح الثريا سهيلا ... عَمْرك الله كيف يلتقيان
آخر:
إذا رضيت علي بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها
وقال بعض أهل المعاني: لا يجوز هذا؛ لأنه لا يقال لله عمر، وإنما هو تعالى أزلي. ذكره الزهراوي " ا. هـ
قال: وابن القيم - رحمه الله تعالى - قد استعملها في مواضع من كتبه، كقوله في (روضة المحبين): " ولعمري لقد نزع أبو القاسم السهيلي بذنوب صحيح ". وفي زاد المعاد: " ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، صلى الله عليه وعلى آله وسلم ".
قال: وللشيخ حماد الأنصاري المدني رسالة باسم (القول المبين في أن لعمري ليست نصاً في اليمين).
قال: والتوجيه أن يقال: إن أراد القسم مُنِع، وإلا فلا ... انتهى كلام الشيخ بكر.
واستعمال هذا اللفظ، وهو: لعمري كثير جداً في كلام أهل العلم، والشعر العربي وغيره، وورد في شعر الشافعي
ولولا خشية الإطالة لنقلت شعراً كثيراً فيه.
، والذي يظهر - والله أعلم - أنه ربما أجري مُجرى القسم، وليس بقسم صريح، لأن القسم يكون بأحد حروف القسم المعروفة، وهي: الواو والباء والتاء، وليس منها اللام. وربما كان في الكلام كالتأكيد وليس مجرىً مجرى القسم
فمن أراد به القسم فكما قال الشيخ بكر ممنوع، ومن أراد التأكيد فلا بأس. وما نقل عن إبراهيم النخعي - رحمه الله - قيراد به النهي عنه إذا أريد به القسم، لأنهم جعلوه كقولهم: وحياتي.
خالد
ـ[الخيزران]ــــــــ[15 - 11 - 2002, 03:11 ص]ـ
أرجو أن تسمح لي بالتعليق التالي:
في قولك: " والحقيقة أن الكلمة فيها إشكال، ولا ينجلي إلا بجعل الكلمة قد يراد بها القسم، وقد لا يراد " حصرٌ للكلمة بين علمين: قسم و لا قسم.
ويترتب على هذا الحصر في رأيي بعض الإشكالات: فإذا ثبت أن اللفظ للقسم، نُسِب إلى الرسول الكريم - و ما كلامه إلا وحي يوحى - القسم بغير الله، وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن الحلف بغير الله نهياً صريحاً مباشراً، وعلى هذا لا إشكال في أن لعمرك في آية سورة الحجر للقسم كما قال المفسرون. ولله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، وليس ذلك لأحد من خلقه.
وإذا قلنا أن اللفظ لغير القسم، فلا إشكال فيما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما ورد عن صحابته الكرام وبعض علماء السلف من استخدام هذه الكلمة، إلا أننا بهذا القول نهدم ما جاء به المفسرون من أن لعمرك في الآيه قسم من الله عز وجل بحياة نبيه عليه الصلاة والسلام، وفيه أيضا معارضة لما جاء في معاجم اللغة من أن هذه الكلمة استخدمت عند العرب الأوائل للتحليف بحياة المخاطب (لعمرك) أو المتكلم (لعمري).
وفي رأيي المتواضع أن في كلام الشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله - جمعاً لأطراف الموضوع بدون الوقوع في اشكالات من مثل ما ذكرتُ سابقاً، وهو إن نوى المتكلم بهذه اللفظة القسم كانت للقسم وهو المنهي عنه، والله سبحانه في آية الحجر - كما قال المفسرون - أراد القسم بحياة النبي - صلى الله عليه وسلم - تكريماً وتشريفاً له، أما إذا لم ينوِ المتكلم القسم وإنما أراد بها سبيلا غير سبيل القسم مثل التأكيد، لم تكن قسماً، وهو غير منهي عنه، و بهذا جاء كلام النبي -صلى الله عليه وسلم - وغيره من حفاظ وثقات الأمة.
والله أعلم
هذا مجرد رأي قد أكون جانبت فيه الصواب، وإن حدث هذا فلا غرابة، لأنه ليس الذكر (الإخوة الكرام) كالأنثى (الخيزران)
وصدق الله عز وجل حين قال: (أو من ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) الزخرف/18
¥