الذي أراه في قولنا (صليت الصبح) أن كلمة الصبح تعرب مفعولا مطلقا لا مفعولا به، لأن كلمة الصبح، وإن دلت في معناها الأصلي على الوقت المعلوم، تدل في هذا السياق على اسم لصلاة معلومة بعد أن حذف المضاف وحل المضاف إليه محله. فصليت الصبح كقعدت القرفصاء وسرت الهوينى وعدوت العسل وما أشبه ذلك. لذا فإعرابها مفعولا مطلقا نيابة عن المصدر أقرب، ولو قلنا مفعولا بغير قيد الباء صح لأنها عين الحدث.
لو قلت الآن: صليت الصبح ركعةَ، أو صليت الصبح ثلاث ركعات، أليست أقرب إلى قولي صليت الصبح ناقصا أو صليت الصبح زائدا؟ فتكون حالا. ويمتنع إعراب ركعة أو ثلاث ركعات مفعولا مطلقا من جهتين: الأول أن الركعة ليست هي الحدث المقصود بصليت، بل الركعة هنا هيئة معينة من هيئات اصلاة، وجزء من الصلاة لا الصلاة نفسها. والوجه الثاني أن صلاة الصبح ليست الركعة أو الثلاث ركعات بل ذكر العدد هنا للدلالة على النقص أو الزيادة (أو التمام في حال الركعتين).
ولعل سبب اللبس مرده شيئان: أن الفعل ركع يأتي بمعنى صلى، فظن أن الفعل صلى يكون بمعنى ركع مطلقا، وهذا غير صحيح. والملبس الثاني أن ذكر العدد (تثنية ركعة) أشبه مرتين وكرتين مما يعود على الحدث أي المصدر المفهوم من الفعل، ولا شك أن صليت الصبح مرتين غير صليت الصبح ركعتين.
أما قولنا صليت ركعتين بدون كلمة الصبح، فتحتمل ما قاله أخونا أبو العباس من أنها بدل أقيم مقام المبدل منه المحذوف، فأعرب إعرابه. أي أن أصل الكلام (صليت صلاةً ركعتين).
أما التمثيل بأكلت الرغيف مضغا فأراه بعيدا عن الجملة المطروحة، والأقرب من هذا المثال لو قلنا: مشيت الهوينى خطوتين، مشيت خطوتين وإن كانت خطوتين في (مشيت الهوينى خطوتين) تحتمل ان تكون مفعولا مطلقا خلافا لركعتين لأن مشيت تحتمل خطوت بينما صليت لا تحتمل ركعت (هيئة الصلاة المعروفة).
هذا مجرد رأي أرجحه وقد أكون مخطئا.
والله أعلم
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[20 - 10 - 2009, 06:51 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا
لعلنا نرتضي رأي العلامة العيني في عمدة القاري
.
قوله (ركعتين) مفعول قوله (فصلى).
قوله الظهر منصوب لأنه مفعول صلى
حياك الله أستاذنا الفاضل وجزاك الله خيرا.
أرى أن العيني كان من الذكاء حيث عبر بقوله (مفعول) دون قيد الباء، فاحتمل أن يكون قصده (مفعولا مطلقا) وهو الراجح. يقول ابن هشام في أوضح المسالك (هذا باب المفعول المطلق أي الذي يصدق عليه قولنا " مفعول " صدقا غير مقيد بالجار)
واحتمل أن يشغب به شاغب فيقول بل يقصد مفعولا به.
وما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال كما يقولون.
وجزاك الله خيرا ونفع بنا وبك
ـ[أبو الطيب النجدي]ــــــــ[20 - 10 - 2009, 07:07 م]ـ
أرى أن العيني كان من الذكاء حيث عبر بقوله (مفعول) دون قيد الباء،
و لكن أستاذي , حين لم يقيد؛ ألا ينصرف الذهن إلى المفعول الأساسي بين المفاعيل و هو المفعول به؟؟؟
ثم لو قلنا بقولك: إنه لم يقيد؛ حتى يحتمل كلامه أكثر من وجه , هل في هذا ذكاء أم إبهام للشرح؟؟ , و حاشاه أن يقصد ذلك
و لو كان غير قاصد المفعول به , فما المقصود من إبهامه؟؟
إما أنه يرى جواز إعرابه أيا من المفاعيل
أو أنه لم يتبن الصواب فقال ذلك ترفعا عن قول لا أدري
و لا شك في بعد الأول و تنزيهه - رحمه الله - عن الثاني
ـ[حسانين أبو عمرو]ــــــــ[20 - 10 - 2009, 07:32 م]ـ
السلام عليكم
الأساتذة الأجلاء
حفِظكم الله
ما رأيكم لو قلت:
تركْت ركعتي الفجر؟
ما إعراب: ركعتي؟
أضيف:
هل هناك فرق ٌ بين قولك: صليت ركعتي الفجر , وتركت ُ ركعتي الفجر؟
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[20 - 10 - 2009, 07:49 م]ـ
و لكن أستاذي , حين لم يقيد؛ ألا ينصرف الذهن إلى المفعول الأساسي بين المفاعيل و هو المفعول به؟؟؟
ثم لو قلنا بقولك: إنه لم يقيد؛ حتى يحتمل كلامه أكثر من وجه , هل في هذا ذكاء أم إبهام للشرح؟؟ , و حاشاه أن يقصد ذلك
و لو كان غير قاصد المفعول به , فما المقصود من إبهامه؟؟
إما أنه يرى جواز إعرابه أيا من المفاعيل
أو أنه لم يتبن الصواب فقال ذلك ترفعا عن قول لا أدري
و لا شك في بعد الأول و تنزيهه - رحمه الله - عن الثاني
حياك الله أخي الكريم.
سمي المفعول (المطلق) بهذا الإسم لأنه عين الحدث المفعول، أما المفعول به فيفعل به الفعل أي وجوده سابق للفعل، والمطلق عكس المقيد، وغير المفعول المطلق يقيد بجار: المفعول به، المفعول له، المفعول فيه، المفعول معه، هذا هو الأصل أما انصراف ذهني وذهنك فقد يصيب وقد يخطئ لأننا محكومون بما ألفناه من كثرة دوران المفعول به في الكلام دون التفكر في دقة المصطلح.
وأنا لم أقل أن العيني يقصد الإبهام، بل كلامه واضح عند أهل الصناعة كما عبر ابن هشام، ولكن إن قصد وضع اللفظ بحيث يحتمل المعنيين فهذا ذكاء منه لا شك. ولعله متردد بين أكثر من احتمال فوضع لفظا يحتمل الجميع بأقل تقدير، وقد يرى العالم جواز أكثر من وجه، بل قد يحتمل الكلام أوجها عديدة كلها صحيحة، والمجهول نية القائل، فتعدد الأوجه لتعدد احتمال نية القائل إن لم يكن ثمة مرجح.
وأما تنزيه العيني رحمه الله وغيره فلا ينزه عن الخطأ إلا الرسل، وكل إنسان سواهم عرضة للأخذ منه والرد.
والله تعالى الموفق
¥