ففي هذه المسائل الأربع لا يوجد المتعلَّق في ظاهر الكلام، وإنما هو محذوف، فإذا قلت: خالد في الدار. هنا من أي المسائل الأربع؟ خبر. فتقول: خالد مبتدأ مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، في: حرف جر، والدار: اسم مجرور بفي وعلامة جره الكسرة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، شبه متعلق بمحذوف، لكن مسألتنا الأولى نقول: متعلق بكذا، يعني: باللي موجود عندنا بالكلام، لكن إذا كان المجرور خبرا، يكون متعلق بمحذوف وجوبا، ما هي استحبابا؟ لا، وجوبا، يعني يجب عليك أنك تحذف المتعلَّق، هذا المتعلَّق لك أن تقدره اسما، ولك أن تقدره فعلا، لك أن تجعل التقدير: زيد كائن، أو خالد كائن في الدار، وين الخبر الآن؟ كائن هو الخبر. لأن قلنا: إن الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر. إذن المحذوف هو الخبر، كائن نوعه اسم، اسم لأنه اسم فاعل، لك أن تقول: زيد أو خالد استقر في الدار. فتقدر المحذوف فعلا، ولهذا تجد ابن مالك يقول في الألفية: وأخبروا بظرف أو بحرف جر
ناوين ........... يعني: المتعلَّق المقدر. .............................
ناوين معنى كائن ............ هذا الاسم. .............................
أو استقر ............ هذا الفعل.
الثاني: الصفة. مثل لو قلت: مررت برجل على كرسي، أو مررت برجل عندك. أيش إعراب (على كرسي)؟ جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لرجل. أيش إعراب (عندك)؟ ظرف منصوب على الظرفية متعلق بمحذوف صفة لرجل. لك أن تقول: مررت برجل كائنٍ في الدار، أو كائن عندك، أو استقر في الدار، أو استقر عندك، يصلح.
النوع الثالث: الحال. وكما مر علينا يا إخوان، ما فيه فرق بين الصفة والحال، بالنسبة للظرف والجار والمجرور والجملة، إلا أن الأول يصير معرفة ولّا يصير نكرة، كذا؟ إن كان الأول نكرة تشتغل على أن المسالة صفة، وإن كان الأول معرفة، تشتغل على أن المسالة حال، فتقول: مررت بزيد في الدار، أو مررت بزيد عندك. ما متعلَّق الجار والمجرور أو الظرف؟ حال من زيد، والتقدير: مررت بزيد كائنا في الدار، أو مررت بزيد كائنا عندك، أو مررت بزيد استقر في الدار، أو استقر عندك.
النوع الرابع والأخير مما يحذف فيه المتعلَّق: الصلة (صلة الموصول).
مثل لو قلت: جاء الذي في المسجد. جاء: فعل ماض مبني على الفتح، الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل، في المسجد: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول، والتقدير ... هنا التقدير يختلف عن التقدير في المسائل الثلاثة الأوَل، نحن خيرناك في الثلاث مسائل، لكن في هذه المسألة ما فيه تخيير، أنت ملزم بأن تقدر فعلا، ويكون التقدير: جاء الذي استقر في الدار. ولا يصح عندهم تقول: جاء الذي مستقر في الدار. لماذا؟ لأنك إذا قلت: استقر. فيه ضمير مستتر تقديره هو يعود على الذي، اللي هو العائد، إذن عندي جملة الآن من فعل وفاعل، وهم يقولون: إن صلة الموصول لا بد أن تكون جملة، فكيف أحصل على الجملة إذا كانت الصلة جار ومجرور؟ منين أجيب الجملة؟ أقدر المتعلق فعلا ولّا لا؟ إذا قدرت المتعلق فعلا، يطلع عندي جملة؟ يطلع عندي جملة، لكن لو قدرت المتعلق اسما، ما يطلع عندي جملة؛ لأني إذا قلت: جاء الذي مستقر هو في الدار. صحيح (مستقر) ما فيها ضمير مستتر، لكن يقولون: اسم الفاعل مستقر، وفاعلها المستتر ليس بجملة، ما فيه جملة هنا، إذن كيف أحصل على جملة؟ إذا قدرت المتعلق فعلا، أما إذا قدرت المتعلق اسما، ما أحصل على جملة.
ولهذا تجد ابن مالك في باب الموصول لما ذكر الصلة، ذكر إن الصلة لا بد تكون جملة، أو شبه جملة، وشبه الجملة: الظرف، والجار والمجرور. والظرف والجار والمجرور راجعان إلى الجملة، كيف نرجعهما إلى الجملة؟ نقدر المتعلق فعلا، فنكون قد رجعناهما إلى الجملة، يقول: وجملة وشبهها الذي وُصلْ ....... به كمن عند الذي ابنه كفل
فالخلاصة يا إخوان: أن الجار والمجرور والظرف يحذف متعلقهما في أربع مسائل، وأنت مخير في أن تقدر المتعلق اسما أو تقدره فعلا إلا في باب الصلة فلا بد أن تقدر المتعلق فعلا، والسبب في هذا أن الصلة لا بد أن تكون جملة، فكيف أحصل على الجملة من المتعلق المحذوف؟ أقدره فعلا، لكن الخبر، الخبر لازم يصير جملة؟ لا، الخبر يصير مفردا ويكون جملة، الحال تكون مفردا وتكون جملة، الصفة تكون مفردا وتكون جملة، إذن الأنواع الثلاثة دي لما كانت في الأصل، تأتي مفردا وتأتي جملة، صرت مخيرا في المتعلق، ها؟ لأنك إن قدرته جملة بالنسبة للصفة، الصفة تجيء جملة إن قدرته اسما، يعني: مفردا، الصفة تيجي مفردا وهكذا الخبر، وهكذا الحال، لكن في الصلة، لما كان الأصل في الصلة أن تكون جملة، قالوا: إذا كانت الصلة ظرفا، أو جارا ومجرورا، فلا بد أن يكون المتعلق فعلا؛ لأجل نرجع إلى الأصل. وما هو الأصل؟ ما هو الأصل؟ الجملة. الأصل هو الجملة.
طيب، المسألة الرابعة والأخيرة، ما عنوانها؟ أين حكم الاسم المرفوع بعدهما؟
يأتي اسم مرفوع بعد الظرف، أو بعد الجار والمجرور. وقد اختلف النحويون في إعراب الاسم المرفوع بعد الظرف، أو بعد الجار والمجرور في هذه المواضع الأربعة اللي مرت: أن يكون خبرا، أو صلة، أو صفة، أو صلة. وسنزيد عليهما موضعين كما ذكر ابن هشام، وهما: أن يكون قبل الظرف أو المجرور استفهام، أو نفي.
يتبع ...
¥