السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أولاً: أقول معذرة _ فنظراً _ لسفري لم أستطع قراءة تعليقك إلا هذا اليوم.
ثانياً: أقول جزاك الله خيراً على ما تفضلت به، وأسديته لي من خدمة كبيرة، وفعلاً المرء ضعيف بنفسه قوي بالله ثم بإخوانه!
وما سطرته يدك يدل دلالة واضحة على أن (الخيزران) عضو متميز في هذا المنتدى.
ثالثاً: نظراً لتأخر الأخوة في الرد قررت _ قبل السفر _ أن أخوض غمار هذه المسألة، فبدأتُ بالبحث والقراءة حتى توصلت
إلى النتيجة التالية:
اختلف النحويون في تحديد مذهب سيبويه في المسألة، فنسب إليه قوم أنه لايجيز الرفع على الابتداء، وإنما على إضمار فعل يفسره الفعل المذكور، ومن هؤلاء ما تفضلت الخيزران بذكرهم، ويضاف إليهم ابن الشجري في أماليه 2/ 83.
ويبدولي أن هؤلاء أخذوه من قول سيبويه: (واعلم أنه لا ينتصب شيء بعد (إنْ) ولا يرتفع إلا بفعل لأن (إنْ) من الحروف التي يبنى عليها الفعل، وهي (إِنْ) المجازاة، وليست من الحروف التي يبتدأ بعدها الأسماء ليبنى عليها الأسماء) الكتاب1/ 263.
فقاسوا " إذا " على " إن ".
بينما نسب إليه قوم آخرون رفع مابعد " إ ذا " على الابتداء إذا كان الخبر جملة فعلية، ومن هؤلاء المبرد (الانتصار65) والنحاس (الخزانة3/ 33)
والسيرافي (شرح السيرافي للكتاب1/ 218) ووالأعلم الشنتمري (النكت1/ 338) والسهيلي (الجنى الداني368) وابن يعيش (شرح المفصل2/ 36)
والرضي (شرح الكافية1/ 419) وأبوحيان (الارتشاف3/ 1410) وابن عقيل (المساعد1/ 507).
وهذا هو الصواب _في نظري_ لأنه مؤيد بكلام سيبويه السابق، ومنه:
(والرفع بعدهما جائز، لأنك قد تبتدئ بعدهما فتقول: أجلس حيث عبدُ الله جالس، وأجلس إذا عبدُ الله جلس) الكتاب 1/ 107.
وأعتقد أنه لافرق بين هاتين الجملتين:
إذاعبدالله جلس
إذا السماء انشقت.
وقد علل السيرافي لتفريق سيبويه بين " إن " و " إذا " مع أن كليهما من أدوات الشرط بقوله: (وللمحتج عن سيبويه أن يقول: لما كانت (إذا) غير عاملة في الفعل كعمل (إِنْ) جاز أن يكون الواقع بعدها مرفوعاً بالابتداء، ويكون معنى المجازاة يصح بها بالفعل الذي بعد
المبتدأ ... ) شرح السيرافي للكتاب 1/ 218.
وفي الختام أقول رزقنا الله علماً نافعاً وعملاً خالصاً، والسلام عليكم.
ـ[الخيزران]ــــــــ[17 - 02 - 2003, 04:06 ص]ـ
الحمد لله أن سهَّل لي تأدية هذا العمل اليسير الذي تمنيت أن يقدم لك شيئاً مفيداً.
وأعذرنا - أخانا الكريم - إن تأخرنا في الرد عليك، حيث إن المسألة التي عرضت تحتاج إلى بحث دقيق، كما أن قول سيبويه ليس مما يُفتى فيه بسهولة، لأنه - رحمه الله - يتميز بطريقة خاصة في التعبير وفي استخدام المصطلحات، فهو مثلا يعبر عن الفعل أو المصدر بأسماء عدة تختلف من مكان لآخر في (الكتاب). وبصراحة، أنا لا أقرأ في كتاب سيبويه إلا في حالتين: الأولى، إن اضطررت إلى توثيق رأي لسيبويه أو لأحد شيوخه (يونس، الخليل ... ).
الثانية: إن رغبت في القيام بمغامرة، أتجول من خلالها بين معالم مجهولة، بحثا عن كنز مفقود بين الكلمات والعبارات، وهذا أمر نادر الحدوث بالنسبة لي.
هذا، والله أسأل أن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً خالصاً لوجهه الكريم، إنه على كل شيء قدير.