ما الذي يضير الصيداوي من فاعل فعل الأمر؟ وهذه القضية التي أثار وهي عدمية فاعل فعل الأمر ستتولد عنها قضايا أخر، فيحق لي مثلا أن أنكر فعل الأمر ولا أسميه فعلا بل أخترع له أسما يناسبه، فلماذا أسميه فعلا وهو لم يقع، بل هو شيء أنتظر من المأمور به أن يفعله، فطالما أن هذا الشيء لم يقع فكيف اسميه فعلا؟
فإذا أقر بتسمية فعل الأمر فعلا، فعليه أن يقر أن له فاعلا، فكل فعل لا بد أن يكون له فاعل، فإذا كان الفعل ماضياً قد وقع ففاعله موجود حقيقة، وإذا كان فعل أمر ينتظر حدوثه ففاعله منتظر أن يحدث منه، فمثلا، إذا خاطبت ابنك بقولك: " اجتهد في دروسك " فالفعل (اجتهد) فعل لم يقع، فاعله الافتراضي هو ابنك، المعبر عنه بضمير المخاطب المستتر (أنت) فإذا ما وقع هذا الفعل فلن يكون فاعله غير الشخص الذي أمرناه بذلك الفعل.
أيها المسلمون، يا أهل القرآن الحذر الحذر من مثل هذه الدعاوي فإذا كان أولها حلو فإن آخرها مرّ، وإذا بسطنا النحو وسهلناه للناشئة بالطريقة التي يريدون فسيترتب على ذلكم التسهيل أمور:
* هذا النحو المبسط هو مبسط على نحو يوافق جيل اليوم، وسينشأ من بعدهم أهل قرون آخرين لن يوافقهم هذا التبسيط، فيضطر العلماء في كل قرن إلى تبسيط التبيسط حتى يصبح النحو أثراً بعد عين.
* لو ترك أمر التبسيط لعلماء هذا الزمان لعمل كل واحد منهم بما يراه مناسباً، وهذة الرؤية أمر نسبي تختلف من فرد لآخر في الصحة والدقة. وما الداعي الملح الذي يدعونا إلى هدم بناء عمل فيه علماء أفذاذ لا يمكن أن يجود الزمان بمثلهم؟ لا ليس الهدم حلا وإنما الحل في تغيير المستفيدين منه، تغيير جيل اليوم، فالعيب بلا شك فيهم.
وأود أن أشير إلى أني لا أقصد بالنحو النحو الذي يدرسه المتخصصون في هذا العلم بما يحتويه من اختلافات ومذاهب، وإنما أقصد به النحو الذي يدرسه أبناؤنا اليوم وهو القواعد التي رُجحت صحتها من بين الأقوال والمذاهب المختلفة.
كره المتعلمون النحو لأنهم جهلوه، ولو علموه ما أبغضوه،
المعذرة، هذه عجالة كتبتها على عجل، فالخطأ وارد والسهو واقع، وما أرجوه حسن التنبيه ورفق الإشارة.
ـ[ابن الوادي]ــــــــ[14 - 03 - 2003, 03:30 م]ـ
يا خيزران
من حق كل عالم أن يجتهد في تبسيط النحو لأبناء لغته.
ومن حقّه أن يقال له إذا أصاب لقد أصبت، وإذا أخطأ لقد أخطأت.
والصيداوي يا خيزران لم يثر هذه القضايا على الناشئة كما تتصورين، فليتك أمسكتِ لسانك عن الأمور التي تجهلين حقيقتها.
الصيداوي وضع كتابه في مجلدين، جعل المجلد الأول للبحوث التي يرى حاجة الناشئة إليها فقط. ويحذف كل ما لا يحتاجون إليه. وضع هذا المجلد للناشئة فقط، إذا استظهروه لن يحتاجوا إلى شيء سواه.
والمجلد الثاني جعله للمناقشات، وضعه للمتخصصين حتى يبيِّن لهم عن سبب حذفه لكثير ممّا اعتادوا أن يجدوه في أبواب النحو المعروفة عند النحاة.
وهناك أبان عن رأيّه في عدم احتياج الأمر إلى فاعل. وتبادر إلى ذهنه، وهو يقول رأيّه ذلك، أن تأتي متشنجة مثلك، قد خرجت عن أسلوب الحوار الراقي إلى الجعجعة، فقال:
(وقد يقول قائل: وما الذي يُرجى من الخوض في هذه المسألة؟
فنقول: إنّ هذا الذي مدّت سكّته الصناعة النحوية، ينقطر وارءه من العناء، ما لا يُطاق اليوم، ولا حاجة إليه في عصرنا هذا. وما حاجة الطلاب اليوم إلى يستظهروا عن ظهر قلب أنّ فعل الأمر يُبنى صنوفًا من البناء، مقطورًا بفاعل مزعوم لا حقيقة له؟ فمرة على السكون إذا اتصلت به نون النسوة، ومرة على حذف النون إذا اتصلت به الألف أو الواو أو الياء؟
ثم إنّ من يركب قطار هذا الفاعل وما يجرّه من صنوف البناء، لا بدّ أن يركب مقطورة الأفعال الخمسة بالضرورة، ليصل من بعدُ إلى أنّ الأمر المتصل بالألف أو الواو أو الياء، أي: [اشربي واشربا واشربوا] إنّما بني على حذف النون لأنّ مضارعه من الأفعال الخمسة، وقد كان من قبلُ [اشربين، واشربان واشربون]؟!
ثم ها هنا مسألة أخرى: كيف نجيز لأنفسنا أن نعلّم أبناءنا ما لا يصحّ في العقل والمنطق، فنقول لمن نعلّمه منهم: إذا أمرت المفرد المذكر فقلت له مثلاً: [اشرب]، ففاعل هذا الفعل ضمير [مستتر وجوبًا تقديره أنت]، ولكن إذا أمرتَ المفردة المؤنثة فقلت لها: [اشربي] فإنّ المسألة تختلف، فيغدو الفاعل ضميرًا [ظاهرًا وجوبًا]، يلفظه اللسان وتراه العينان).
ولقد انقضى ألف ومئتا سنة، ولم نر من النحاة من أنكر إبراز الأنثى وحجب الذكر، ولا رأينا نحويًا يأبى هذا التفريق بين الجنسين فيقول منكرًا: آلذكر يستتر وجوبًا، والأنثى تبرز سافرة وجوبًا؟!!) أهـ.
هذا رأيّ عالم إمام في النحو، شهد له معاصروه بالإمامة، فإن أصاب قبلنا صوابه، وإن أخطأ رددنا عليه خطأه.
أمّا أن نقول من هو .. ومن هو .. ومن هو؟! فكلام ساقط ممجوج.
كيف بكِ يا خيزران لو وقفتِ على رأي الأستاذ شوقي ضيف في أنّ من ضرورات تيسير النحو إلغاء باب (كان وأخواتها)، والأخذ بمذهب الكوفيين فيها، من اعتبار اسمها فاعلاً، وخبرها حالاً.
ليتَ شعري ما كان حظّه من إنكارك وجعجعتك.
لا تظهري حميّة للغة في غير محلّها، فمن ترفعين عقيرتك بالإنكار عليه أغير منكِ على اللغة والنحو.
¥