شكرا لرحابة صدرك, ورغبتك في البحث, وإنني أشكرك من الأعماق.
تأمل قوله تعالى:
{قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ حَتَّى نَسُواْ الذِّكْرَ وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً} - الفرقان: 18
لماذا لم يقل القرآن: ما كان ينبغي علينا أن نتخذ من دونك من أولياء
أخي الفاضل الدكتور حجي إبراهيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
وتحية طيبة ... وجزاكم الله خيراً ... على كل شيء ... على إثارة الموضوع .. وعلى رحابة صدركم ولطفكم ...
أظن أن المعنى: ما كان يجوز لنا أوما كان يصح لنا ... ولهذا لم يقل: ماكان ينبغي علينا أن نتخذ .... وإلا لانقلب المعنى إلى: ما كان يجب علينا ... وفرق بين: ما يجوز لنا .... وبين: ما يجب علينا: ففي العبارة الثانية: تحتمل أنه لا يجب، ولكن يجوز ... وهذا المعنى غير مراد هنا ... فلهذا لم يستخدم القرآن: ينبغي علينا ...
معنى {ما كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ} أنه لا يصح ولا يستقيم لنا أن نتجاوزك إلى غيرك باتخاذ أولياء من دونك.
إنه معروف, أن اتخاذ الأولياء من دون الله أمر لا يجوز, وأنه يجب على الإنسان ألا يتخذ أولياء من دون الله تعالى, فاتخاذ الأولياء من دون الله أمر محرم.
ألا يتضمن (ما كان ينبغي لنا) في عدم جواز اتخاذ الأولياء من دون الله في هذه الآية معنى الوجوب الضمني.
مع ذلك نجد أن القرآن جاء بـ (ينبغي لـ) ولم يجيء بـ (ينبغي على).
نفس الأمر يقال هنا ... لو كانت العبارة ما كان ينبغي علينا ... لفهم منها: ما كان يجب علينا بل يجوز ... وهذا المعنى لا يستقيم ... لأن عدم الوجوب قد يفهم منه الجواز كما تقدم ... وهذا المعنى ممتنع ولا يراد منه ذلك ... ولهذا جاءت الآية: {ما كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ} أنه لا يصح ولا يستقيم لنا أن نتجاوزك إلى غيرك باتخاذ أولياء من دونك.
والله أعلم بالصواب ...
وفقكم الله وبارك فيكم أخي الدكتور وشكري البالغ وتقديري لكم مرة أخرى ..