تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

{فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ ... }

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[09 - 10 - 2006, 01:14 ص]ـ

يعدّى الفعل (سمع) إلى المسموع بنفسه، فنقول: سمعت صوتا.

وكذلك قوله تعالى: {قد سمع الله قولَ التي تجادلك في زوجها} المجادلة:1

حيث جاءت تعدية الفعل (سمع) مباشرة.

تأملوا قوله تعالى:

{فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً} يوسف: 31

في هذه الآية الشريفة جاءت تعدية الفعل بحرف الباء (سمعت بمكرهن) , والمعنى: سمعت مكرهن.

ما الذي يفيده التعدية بحرف الباء في هذا المورد؟

يوجد تفسيران:

الأول: لأن الفعل سمع ضُمن معنى (أخبر) , كقولنا: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. تسمع بالمعيدي: اي تخبر عنه.

الثاني: أن تكون الباء مزيدة للتوكيد, كقوله تعالى:

{ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.} البقرة: 195

{وكفى بالله حسيبا} النساء: 6

ـ[هيثم محمد]ــــــــ[09 - 10 - 2006, 02:13 ص]ـ

بارك الله فيك د. حجي

أريد أن أسألك سؤالا لعلى أجد عندك الجواب الشافي إن شاء الله

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ [الحاقة: 19]

إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ [الحاقة: 20]

مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ [الحاقة: 28]

هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ [الحاقة: 29]

أتساءل هنا عن الكلمات (كتابيه - حسابيه - ماليه - سلطانيه)

لماذا لحقت الهاء هذه الكلمات هل لها ملمح بلاغي إذ كان من الممكن أن تكتب كتابي أو حسابي أو مالي أو سلطاني؟

فى انتظار تعقيبكم

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[09 - 10 - 2006, 03:16 ص]ـ

الأخ العزيز مدرس عربي:

أشكر لكم حضوركم ومداخلتكم.

تأمل عزيزي هذا السياق القرآني:

(يَومئذٍ تعُرَضَونَ لا تَخفَى مِنكُم خافيةٌ. فأمّا مَن أُوتيَ كتابَهُ بِيَمينهِ فَيقولُ هآؤُم اقرءُوا كِتَابيه. إنّي ظَنَنتُ أنّي مُلاقَ حِسابيه. فَهُو في عِيشةٍ راضيةٍ. في جنَّةٍ عاليةٍ. قُطُوفُها دانيةٌ. كُلُوا واشربوا هنيئاً بِمآ أسلَفتُم في الأيامِ الخاليةِ. وأمّا مَن أُوتيَ كِتابَهُ بشماله فَيَقولُ ياليتَني لَم أُوتَ كِتابيَه. وَلَم أَدرِ ما حِسابيَه، ياليتَها كانتِ القاضيةَ. مآ أَغنى عَني مَاليه. هَلَكَ عَني سُلطانيَه). الحاقة:18 - 29

تأمل ما فيها من قوة لحمة بين اللفظ والمعنى.

إن للفاصلة القرآنية دور كبير في إحداث التأثير النفسي, فللمفردة القرآنية جرسها الذي ينسجم مع جو النص القرآني, ويتوافق مع المعنى الذي يود القرآن أن يوصله إلى روح الإنسان.

إن مجيء الفاصلة القرآنية بهذا النسق يحدث في النفس تأثيرا قويا.

لقد ختمت هذه الكلمات بهاء السكت, كي تنسجم في إيقاعها اللفظي مع بقية المفردات في هذه الآيات:

{فِى كِتَابيَهْ} {حِسَابِيَهْ} {مالية} {سلطانية}

قد زيدت هاء السكت في هذه الكلمات كي تكون منسجمة مع بقية الكلمات المختومة بالتاء المربوطة.

يتحدث هذه الكلمات بجرسها اللفظي إيقاعا في الأذن وتأثيرا في المشاعر الإنسانية, حيث تهتز النفس من الأعماق, وهي تستمع إلى الإيقاع اللفظي الحزين, المنبعث من أقصى الصدر, وأواخر الحلق, فيتجلى أمامه تلك المشاهد الحزينة بما فيها من تفجع في وقوف الإنسان في ذلك المشهد المهول, ويؤدي ذلك إلى تعميق المعنى في الحس, أمام المرء من هذه الإيحاءات التي أوجدها ي هذا الإيقاع اللفظي في الحس.

في التاج: " وتُسَمَّى هذه الهاء، يَعْني التي في سُلْطانِيَهْ ومالِيَه، هاءُ الاسْتِراحَةِ. "

تأمل أخي هذا النسق القرآني, وما تمثله الفاصلة فيه من مشاهد الهول القاصم, في ذلك اليوم المهول, في سورة الحاقة نفسها:

{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ. ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ} الحاقة: (30 - 32)

ـ[أبو مريم]ــــــــ[05 - 03 - 2007, 02:59 م]ـ

هل يمكن حذف هاء السكت في القرآن الكريم وصلا؟

ـ[علي المعشي]ــــــــ[05 - 03 - 2007, 08:41 م]ـ

السلام عليكم

كما اهتم القرآن بدقة المعنى كذلك اهتم بالتناغم اللفظي، ولعل من مظاهر اهتمامه باللفظ زيادة هاء السكت في الآيات المذكورة، وكذلك الحذف كما في قوله تعالى " والليل إذا يسر" لتناغم الفاصلة مع ما قبلها وما بعدها.

وغير ذلك كثير في القرآن الكريم، والله أعلم.

ـ[علي المعشي]ــــــــ[05 - 03 - 2007, 09:13 م]ـ

يوجد تفسيران:

الأول: لأن الفعل سمع ضُمن معنى (أخبر) , كقولنا: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. تسمع بالمعيدي: اي تخبر عنه.

الثاني: أن تكون الباء مزيدة للتوكيد,

السلام عليكم

أعتقد أن الرأي الأول أقرب إلى الصواب لأن الاستعمال اللغوي يؤيده.

ألا ترى أنه لو قال قائل: (سمعت اقتتال بني فلان وبني فلان) لفهم من ذلك أنه سمع صليل السيوف أو صيحات المقاتلين أو صوت البنادق ... إلخ.

أما لو قال: (سمعت باقتتال بني فلان وبني فلان) لفهم من ذلك أنه سمع خبر اقتتالهم فحسب وليس بالضرورة أن يكون سمع الأصوات الصادرة من أرض المعركة.

وعلى ذلك نجد أن الفعل سمع يتعدى في الغالب بنفسه أو باللام إذا كان المسموع صوتا وكان السماع مباشرا، وأكثر التعدية باللام تكون مع المزيد (استمع).

ويتعدى غالبا بالباء إذا كان المسموع خبرا، وكلمة (خبر) محذوفة فإن ذكرت كلمة (خبر) تعدى بنفسه غالبا مثل: سمعت خبرَ نجاح فلان، وإن حذفت تعدى بالباء غالبا مثل: سمعت بنجاح فلان.

وفي الآية المذكورة لم تسمع امرأة العزيز كيدهن سماعا مباشرا على هيأة صوت، وإنما نقل إليها خبر كيدهن، لذا كانت التعدية بالباء.

والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير