صاحبها إلا معرفة)، فإذا قلت: "شربت كأساً" "كأس" نكرة هنا، فشرط الحال أن يكون صاحبها معرفة، وهذا سيأتي الآن، فإذن هي نعت أو صفة.
هل هذا -إن شاء الله تعالى- الحديث كله واضح، فيه أشياء متعلقة بهذا أو ننتقل إلى غيره.
نشترط الآن المصنف قال: (ولا يكون الحال إلا نكرة)، أكثر النحويين
يوجبون أن يكون الحال نكرة، هذا عليه جمهور النحويين، بعضهم أجاز،
لأنهم وجدوا شواهد جاء الحال فيها معرفة، لكنها شواهد قليلة، طيب ماذا
يفعل بها الجمهور الذين قالوا: يجب أن يكون الحال نكرة؟
قالوا: نؤولها، نقدرها بالنكرة، أكثر ما جاء من كلام العرب أن الحال تكون نكرة، كما مثلنا الآن في قولنا: راكباً وماشياً ومبتسماً وتبسم ضاحكاً، هذه كلها كما ترون نكرات، فإذن الحال يوجب الجمهور أن يكون
نكرة، ولا يكون معرفة، لما وجد العلماء في قول العرب: "جاء فلان وحده"
الآن: "وحد" مضافة إلى "هاء" الضمير، والضمير معرفة، والمضاف إلى معرفة
معرفة، يعني: "جاء فلان وحده" أنا الآن بينت حالة مجيء فلان عند مجيئه،
فهي مبينة للهيئة، وهي يجاب بها عن "كيف"، كيف جاء فلان؟ وحده فإذن هي
حال، لكن المشكلة أنه معرفة، قال العلماء: صحيح أنها معرفة, ولكنها
تؤول بالنكرة، يعني نقدرها بـ "جاء فلان منفرداً"، ومنفرداً نكرة فهي بمعنى النكرة، فصح أن تقع حالاً.
الذين يجوزون أن يقع الحال معرفة، قالوا: لا, هي معرفة، ونحن نقول
الحكم: أن الحال يكثر غالباً أن يكون نكرة، ويجوز أن يكون معرفة بقلة،
ومثله قول العرب: "ادخلوا الأولَ فالأولَ"، "الأولَ فالأولَ" معرف بـ
"أل" كما ترون، وهو حال يعني حالة كونكم "الأول فالأول"، أوَّلها
العلماء الذين يرون من يرى من النحويين أنه يجب في الحال أن يكون نكرة،
أولوها بالنكرة، قالوا: التقدير: "ادخلوا مترتبين" يعني ادخلوا الأول
فالأول, يعني واحداً بعد واحدٍ ترتبوا، ومترتبين كما ترون نكرة، فما
دامت المعرفة أُوِّلَت بالنكرة فهو بمنزلة النكرة، فصح أن نقول: إن
الحال يجب أن يكون نكرة أو مؤولاً بالنكرة، يعني وقع في موقع النكرة، يصح تقدير النكرة في مكانه.
**************************************
نكمل يا شيخ كلام المتن.
قال -رحمه الله -تعالى-: (ولا يكون إلا بعد تمام الكلام)، هنا الآن
المصنف يواصل حديثه فيقول: إن الحال (لا يكون إلا بعد تمام الكلام)،
يعني بعد أن ينتهى من الكلام الأصلي، معنى: (تمام الكلام) يا إخوان:
تعرفون أن لكل جملة ركنين، فالجملة الفعلية ركناها: الفعل وفاعله أو
نائب فاعله، والجملة الاسمية: المبتدأ والخبر، وبناءً عليه فإن قوله
هنا: (لا يكون إلا بعد تمام الكلام) يقصد بعد انتهاء الركنين، فإذن هو
فضلة، ولذلك ابن مالك يقول: «الحال وصف فضلة» الفضلة في اصطلاح
النحويين هو: ما لم يكن ركناً، العمد ما ذكرتها لكم الآن، المبتدأ
والخبر وما قام مقامهما أو معمول النواسخ سواءً كانت "إن وأخواتها" أو
"كان وأخواتها" أو "ظن وأخواتها"، الفعل والفاعل أو نائب الفاعل، هذه
العمد، أو أركان الجمل، ما عداها يسمى فضلات، ليس معنى أنها فضلات أنها
لا قيمة لها، هي مكملات الجملة لكنها ليست هي أركان الجملة الأصلية.
الحال كما يقول المصنف: (لا يكون إلا بعد تمام الكلام) يعني أنه لابد أن يكمل الركنان الأساسيان للجملة وحينذاك يصح أن يؤتى بالحال، طبعاً ما دام يقول: (بعد تمام الكلام) ما قال: بعد تمام الجملة الاسمية، ولا
قال: بعد تمام الجملة الفعلية، فكأن الأمر يحمل فيهما، عندما تقول:
"جاء زيد ضاحكاً" هنا اكتمل الكلام، وقد تم الكلام بركنيه الفعل
والفاعل ثم جاء الحال بعد ذلك، وفي قول الله -سبحانه و-تعالى-: ?
وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ? [البقرة: 91]، "هو"
مبتدأ و"الحق" خبر، جملة اسمية، ثم جاء بعد ذلك الحال "مصدقاً" فبعد اكتمال الجملة الاسمية جاء الحال وكذلك في الأولى بعد اكتمال الجملة الفعلية.
لا يعني أنه لا يكون إلا بعد تمام الكلام أنه لا يُذكر إلا بعد تمام
الكلام وإن كان هذا هو الأصل، هذا أصل أنه لا يُذكر إلا بعد تمام
الكلام، لكن يمكن أن يتقدم، وهذا لا يناقض كونه بعد تمام الكلام، يعني
مثلاً عندما تقول: "جاء زيد راكباً، يمكن أن تقول: "جاء راكباً زيد" هو
¥