الآن وإن جاء قبل مجيء الفاعل، إلا أن الكلام تام بدونه، هذا معنى:
(بعد تمام الكلام) ليس المقصود بعد تمامه أنه لابد أن يأتي الكلام ويتم
ثم نأتي بالحال، ولكنه ينبغي أن يكون الكلام كاملاً ليصح الإتيان
بالحال، ثم إن موقعه هنا أو مكانه الأصلي التأخير، فتقديمه في اللفظ لا
يعني أنه متقدم في الرتبة، ولكن رتبته التأخير فصح أن نقول: إنه بعد
تمام الكلام، وإن كان الكلام لم يتم بعد في ترتيبه وسياقه.
ويصح أن تقدم الحال على الجملة كلها فتقول: "راكباً جاء زيد" يعني يصح
أن تقدمه على صاحبه، ويصح أن تقدمه على الجملة كلها، لكن هذا خلاف
الأصل، والأصل أن يأتي الحال بعد كمال الجملة، وتقديمه إنما يكون لعلة
بلاغية، إذا وجدت علة بلاغية تدعو إلى تقديمه قدمته، وإلا فألزمه أصله،
بعد كمال الجملة وتمامها، بل إنه أحيانًا يجب أن يتقدم الحال على
الجملة، وذلك كما تعلمون في المواضع التي يقولون: إن له فيها صدارة،
تعرفون أن هناك بعض الأسماء في العربية لها صدارة الكلام، معنى صدارة
الكلام أنه يجب أن يبتدأ بها الكلام، كأسماء الاستفهام، فإذا وقع واحد
من أسماء الاستفهام حالاً وهو اسم "كيف" تعرفون أن كيف يبين الهيئة،
السؤال يسأل به عن الهيئة والحال، فهو يعرب حال، فنصبه حينذاك على
الحال، فحينذاك نقول: إنه منصوب على الحال ويجب تقديمه لأن أسماء
الاستفهام يجب أن تتصدر في الكلام، وقد تقدم كما ترون، ووجوب تقديمه
ليس لأنه حال، لأن الحال الأصل فيه أن تتأخر، لكن وجوب تقديمه إنما جاء
لكونه اسم استفهام واسم الاستفهام حقه أن يتقدم في بداية الكلام.
يقول: "جاء فلان وحده" أعربها "وحده" حال، و"جاء" المعرفة، بالرغم أن
صاحب الحال هنا "جاء" نكرة، بالرغم أنه صاحب الحال هنا جاء نكرة، وهو يقول: (لا يأتي صاحب الحال إلا معرفة)؟.
ما هو صاحب الحال يا شيخ؟
"صاحب الحال فلان".
"فلان" هذا اسم يا شيخ، علم على شخص، فهو معرفة. يعني يطلق على شخص؟.
أي، أنت ما تقول: "جاء فلان" وتقصد به رجلاً؟، أنت تقصد: "جاء فلان" يعني جاء صالح أو خالد.
يعني جاء زيد.
بالضبط فهو معرفة.
السؤال الثاني: "هذه ليلة الاثنين" تقول: بدل ولو أخذنا مكانه -الله
أعلم- أنها خبر؟. "هذه ليلة الاثنين" لا .. هي خبر.
(كلام غير مفهوم).
أحسنت. أنا لما أقول: "هذه الليلة ليلة مباركة" فـ "الليلة" الأولى بدل: و"ليلة" خبر، أما في السياق الذي ذكرته أنت: "هذه ليلة الاثنين" فالحق ما قلته أنت، هذه مبتدأ وليلة خبر.
أظن يا شيخ هذه عبارة عن دلالات للحال، يعني ذكرتم: (ولا يكون الحال إلا نكرة، ولا يكون إلا بعد تمام الكلام)، وأيضاً قال: (ولا يكون صاحبها إلا معرفة)، هذه يعني مثل الدلالات والأشياء التي حتى نستطيع نميز فيها الحال مثلاً عن الصفة.
هذه نعم، هذه مميزات لها وأشياء أيضاً ينبغي التزامها لتركيز ما في الحال حتى تصح. إذن ذكرتم يا شيخ الأولى والثانية، الآن نأتي إلى الثالثة.
قوله: (ولا يكون صاحبها إلا معرفة) يعني صاحب الحال، نحن عرفنا المقصود بصاحب الحال، قلنا منذ قليل: إنه قد يكون صاحب الحال هو الفاعل قد يكون صاحب الحال هو المفعول به, وربما جاء عندنا أكثر من حال للفاعل والمفعول به مثلاً هي لا يلزم أن تكون واحدة، بعض النحويين التمس علة مسألة التماس العلل يا إخوان للأحكام النحوية إنما هي تأتي لأجل بيان نوع من الحكمة لمجيء هذا الحكم، يعني لما يقول قائل: لماذا نُصِبَ
الحال ولم يرفع؟ أو يقول: لماذا يجب أن يكون صاحب الحال معرفة؟ لماذا
يجب أن تكون الحال نكرة؟ لماذا يجب أن يتأخر الفاعل على الفعل؟ وهكذا،
هذه الأسئلة يسأل قائل يقول: لأن العرب نطقته، هذه طريقة وهذا جواب
صحيح، لكن النحويين عندما يذكرون بعض العلل غرضهم من ذلك أن يبينوا أن
هناك حكماً دعت العرب إلى فعل هذا العمل، إضافة إلى أن اصطحاب هذه
الحكمة عند طالب العلم تجعله يضبط المسألة فكل ما وجدت العلة أو الحكمة
جاء المعلوم، أو الحكم فيجعل الأمر يدور مع العلة وجوداً وعدماً، فمتى
وجدت وجد الحكم، ومتى عدمت عدم الحكم، وهذا مما يقوي تطبيق القاعدة، ويؤصلها في ذهن النحوي.
¥