تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما المعركة الثالثة في الأهمية فهي تلك التي قال فيها بعضهم: إن كلام العرب في باب (الحكم) أن عبارة (القتل أنفي للقتل) أبلغ من الآية القرآنية: ?وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ? البقرة: 179)؛ إذ لم ينم "الرافعي" ليلته، بعد أن لفت الأستاذ الكبير "محمود محمد شاكر" برسالة بتوقيع م. م.ش نظره إلى هذا الأمر بقوله: "ففي عنقك أمانة المسلمين جميعًا، لتكتبن في الرد على هذه الكلمة الكافرة لإظهار وجه الإعجاز في الآية الكريمة، وأين يكون موقع الكلمة الجاهلية منها"؟

واستطاع الرافعي ببلاغته أن يقوض هذا الزعم من أساسه بمقالاته: (كلمة مؤمنة في رد كلمة كافرة)، التي عدَّد فيها وجوه الإعجاز في الآية الكريمة: ?وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ? (البقرة: 179).

إنتاجه الأدبي والفكري

استطاع "الرافعي" خلال فترة حياته الأدبية التي تربو على خمس وثلاثين سنة إنتاج مجموعة كبيرة ومهمة من الدواوين، والكتب أصبحت علامات مميزة في تاريخ الأدب العربي.

(1) دواوينه الشعرية:

كان الرافعي شاعرًا مطبوعًا بدأ قرض الشعر وهو في العشرين، وطبع الجزء الأول من ديوانه في عام 1903م، وهو بعد لم يتجاوز الثالثة والعشرين، وقد قدّم له بمقدمة بارعة فصّل فيها معنى الشعر وفنونه ومذاهبه وأوليته، وتألق نجم الرافعي الشاعر بعد الجزء الأول واستطاع بغير عناء أن يلفت نظر أدباء عصره، واستمر على دأبه فأصدر الجزأين الثاني والثالث من ديوانه، وبعد فترة أصدر ديوان (النظرات)، ولقى "الرافعي" حفاوة بالغة من علماء العربية وأدبائها قلّ نظيرها، حتى كتب إليه الإمام "محمد عبده" قائلاً: "أسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفًا يمحق الباطل، وأن يقيمك في الآواخر مقام حسان في الأوائل".

(2) كتبه النثرية:

قلّ اهتمام "الرافعي" بالشعر عما كان في مبتدئه؛ وذلك لأن القوالب الشعرية تضيق عن شعوره الذي يعبر عن خلجات نفسه وخطرات قلبه ووحي وجدانه ووثبات فكره، فنزع إلى النثر محاولاً إعادة الجملة القرآنية إلى مكانها مما يكتب الكتاب والنشء والأدباء، أيقن أن عليه رسالة يؤديها إلى أدباء جيله، وأن له غاية هو عليها أقدر، فجعل هدفه الذي يسعى إليه أن يكون لهذا الدين حارسًا يدفع عنه أسباب الزيغ والفتنة والضلال، وينفخ في هذه اللغة روحًا من روحه، يردّها إلى مكانها، ويرد عنها، فلا يجترئ عليها مجترئ، ولا ينال منها نائل، ولا يتندر بها ساخر إلا انبرى له يبدد أوهامه ويكشف دخيلته، فكتب مجموعة من الكتب تعبر عن هذه الأغراض عُدت من عيون الأدب في مطلع هذا القرن، وأهمها:

1 - تحت راية القرآن: المعركة بين القديم والجديد: وهو كتاب وقفه- كما يقول- على تبيان غلطات المجددين، الذين يريدون بأغراضهم وأهوائهم أن يبتلوا الناس في دينهم وأخلاقهم ولغتهم، وهو في الأصل مجموعة مقالات كان ينشرها في الصحف في أعقاب خلافه مع "طه حسين"، الذي احتل رده على كتاب "في الشعر الجاهلي" معظم صفحات الكتاب.

2 - وحي القلم: وهو مجموعة من مقالاته النقدية والإنشائية المستوحاة من الحياة الاجتماعية المعاصرة، والقصص، والتاريخ الإسلامي المتناثرة في العديد من المجلات المصرية المشهورة في مطلع القرن الماضي، مثل: الرسالة، والمؤيد والبلاغ والمقتطف والسياسة وغيرها.

3 - تاريخ آداب العرب: وهو كتاب في ثلاثة أجزاء؛ الأول: في أبواب الأدب، والرواية، والرواة، والشواهد الشعرية، والثاني: في إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، وأما الثالث: فقد انتقل "الرافعي" إلى رحمة ربه قبل أن يرى النور؛ فتولى تلميذه "محمد سعيد العريان" إخراجه، غير أنه ناقص عن المنهج الذي خطه الرافعي له في مقدمة الجزء الأول.

4 - حديث القمر: هو ثاني كتبه النثرية، وقد أنشأه بعد عودته من رحلة إلى لبنان عام 1912م، عرف فيها شاعرة من شاعرات لبنان (مي زيادة)، وكان بين قلبيهما حديث طويل، فلما عاد من رحلته أراد أن يقول، فكان "حديث القمر".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير