ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[22 - 07 - 2007, 05:06 م]ـ
*تحسين أمر البنات
دخل عمرو بن العاص يوماً على معاوية، وعنده ابنته عائشة، فقال: من هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذه تفاحة القلب، فقال: انبذها عنك. قال: ولم؟ قال: لأنهن يلدن الأعداء، ويقربن البعداء، ويورثن الضغائن. قال: لا تقل ذلك يا أبا عبد الله، فوالله ما مرض المرضى، ولا ندب الموتى، ولا أعان على الأحزان مثلهن، وإنك لواجد خالً قد نفعه بنو أخته. فقال: يا أمير المؤمنين قد حببتهن إليّ.
وقال معن بن آوس المزني:
رأيت رجالاً يكرهون بناتهم ... وفيهن لا تكذب نساء صوالح
وفيهن، والأيام يعثرن بالفتى ... خوادم لا يمللنه، ونوائح
وقال العلوي الحماني في صديق له رزق ابنة فسخطها:
قالوا له ماذا رزقتا ... فأصاخ، ثمّت قال: بنتا
وأجل من ولد البنا ... ت، أبو البنات، فلم جزعتا
إن الذين تودّهم ... بين الخلائق ما استطعتا
نالوا بفضل البنت ما ... كبتوا به الأعداء كبتا
وهذه نسخة رقعة لابن عباد في التهنئة بابنة: أهلاً وسهلاً بعقيلة النساء، وأم الأبناء، وجالبة الأصهار، والأولاد الأطهار، والمبشرة بأخوة يتناسقون، ونجباء يتلاحقون:
فلو كان النساء كمثل هذي ... لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب ... ولا التذكير فخر للهلال
والله يعرفك يا مولاي البركة في مطلعها، والسعادة بموقعها، فادرع اغتباطاً، واستأنف نشاطاً (فالدنيا مؤنثة والرجال يخدمونها (والنار مؤنثة) والذكور يعبدونها)، والأرض مؤنثة ومنها خلقت البرية، وفيها كثرت الذرية، والسماء مؤنثة وقد زينت بالكواكب، وحليت بالنجم الثاقب، والنفس مؤنثة وهي قوام الأبدان وملاك الحيوان، والحياة مؤنثة وبها وعد المتقون، وفيها يتنعم المرسلون. فهنيئاً لك ما أوتيت، وأوزعك الله شكر ما أعطيت.
ونسخة رقعة لأبي الفرج الببغاء: اتصل بي خبر المولود المسعود، كرم الله غرتها، وأنبتها نباتاً حسناً، وما كان من تغيرك عند اتضاح الخبر، وإنكارك ما اختاره الله لك في سابق القدر. وقد علمت أنهن أقرب إلى القلوب، وأن الله بدأ بهن في الترتيب، فقال تعالى: " يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور "، وما سماه الله هبة فهو بالشكر أولى، وبحسن التقبل أحرى. فهنّاك الله بورود الكريمة عليك، وثمر بها أعداد النسل الطيب لديك. والسلام.
*تحسين التحاء الغلام
من أحسن ما قيل فيه، على كثرته، قول الأستاذ أبي الفرج علي بن الحسين بن هندو، رحمه الله:
عابوه لما التحى، فقلنا ... عبتم وغبتم عن الجمال
هذا غزال، وما عجيب ... تولّد المسك في الغزال
ولمؤلف هذا الكتاب، على لسان بعض الرؤساء، ما سبق إلى معناه، وتفرد به:
قالوا تشوك خدّاه وشاربه ... فقلت لا تنكروا ما ليس بالعجب
الشواك في شجرات الورد محتمل والشوك لا عجب في مجتنى الرطب.
*تحسين سواد اللون
أحسن ما قيل في ذلك قول أبي يوسف القاضي، وقد جرى ذكره عند الرشيد: يا أمير المؤمنين من فضل السواد أنه لم يكتب كتاب الله سبحانه إلا به. والنور في السواد، يعني سواد النظر.
وقد أكثر الشعراء في تحسين السواد، ومدح السودان. فمن ذلك، قول أبي حفص الشطرنجي في جارية سوداء:
أشبهك المسك وأشبهته ... قائمة في لونه قاعدة
لا شك، إذ لونكما واحد ... أنكما من طينة واحدة
وقول أبي محمد العباسي:
إن سعدى، والله يكلأ سعدى ... ملكت بالسواد رقّ سوادي
أشبهت ناظري وحبة قلبي ... فهي في العز ناظري وفؤادي
لن يرى الناظرون شيئاً، وإن أشر ... قال: حسناً، إلا بنور السواد
وقول بعض الكتاب في غلام أسود:
قالوا عشقت من البرية أسوداً ... مهلاً علقت بأضعف الأسباب
فأجبتهم ما في البياض فضيلة ... وأرى السواد نهاية الآراب
أهوى السواد، لأن شيبي أبيض ... يؤذي الفتى، وأحب لون شبابي
وكذاك في الكافور برد قاطع ... والمسك أصبح أطيب الأطياب
وبه تزين كفّ كل خريدة ... وبه تتم صناعة الكتاب
والله ألبس أهل بيت محمد ... لون السواد، فكف عنك عتابي
وجاء ابن الرومي فزاد عليهم، وأحسن وأبدع، في وصف جارية سوداء، وتحسين لونها، حيث قال من قصيدة:
غصن من الآبنوس ركّب في ... مؤتزر معجب ومنتطق
سوداء لم تنتسب إلى برص الشق ... ر، ولا لمعة، ولا بهق
أكسبها الحب أنها صبغت ... صبغة حب القلوب، والحدق
فانصرفت نحوها الضمائر وال ... أبصار، يعبقن أيما عبق
وبعض ما فضل السواد به ... والحق ذو سلم، وذو نفق
أل يعيب السواد حلكته ... وقد يعاب البياض بالبهق
وقول بعض الظرفاء:
يكون الخال في خد قبيح ... فيكسوه الملاحة والجمالا
فكيف يلام مشغوف بمن قد ... تراه كله في العين خالا
وقال أبو إسحاق الصابي في غلامه يمن:
قد قال يمن، وهو أسود، للذي ... ببياضه استعلى علوّ الخائن
ما فخر وجهك بالبياض، وهل ترى ... أن قد أفدت به مزيد محاسن
ولو أن مني فيه خالاً زانه ... ولو أن منه فيّ خالاً شانني
وقال فيه أيضاً:
لك وجه كأن يمناي خطت ... ه بلفظ تمله آمالي
فيه معنى من البدور، ولكن ... نفضت صبغها عليه الليالي
لم يشنك السواد، بل زدت حسناً ... إنما يلبس السواد الموالي
واقترح عليّ صديق لي بغزنة أن أقول في غلام له هندي، من أحسن أبناء جلدته، فقلت:
هذا غزال الهند في الغزلان ... كمثل عود الهند في العيدان
وجه بديع الحسن في الغلمان ... مصور من حدق الحسان
مركب من ملح الخيلان ... كأنه في ناظر الإنسان
إنسان عين الحسن في الزمان
يتبع ....
¥