تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأنكرت كتابته مثل هذا الشاب وذكرته له فقال أنه هاشمي وقد دخل بعرسه في هذا الشهر يعني رمضان فسأل عن الضم والتقبيل هل يفسدان الصوم فقلت له لا قال الربيع فعاودته فإذا الأمر كذلك فعجبت من فراسته وحكى في الأصل عن ابن حجر قال أخرج أبو نعيم أيضاً عن ابن سيرين أنهم كانوا يعشون بلا ريبة وفي الطبقات الكبرى لابن السبكي وحكاه في الأصل متردداً قال كتب جلال الدولة إلى أبي الطيب الطبري سؤالاً صورته:

يا أيها العالم ماذا ترى ... في عاشق ذاب من الوجد

من حب ظبي أهيف أغيد ... سهل المحيا حسن القد

فهل ترى تقبيله جائزاً ... في النحر والعينين والخد

من غير ما فحش ولا ريبة ... بل بعناق جائز الحد

إن أنت لم تفت فإني إذاً ... أصيح من وجدي واستعدي

فأجابه:

يا أيها السائل إني أرى ... تقبيلك العين مع الخد

يفضي إلى ما بعده فاجتنب ... قبلته بالجد والجهد

فإن من يرتع في روضة ... لا بد أن يجني من الورد

وإن من تحسبه ناسكاً ... لا بد أن يغلب بالوجد

فاستشعر العفة وأعصى الهوى ... يسلم لك الدين مع الود

تغنيك عنه كاعب ناهد ... تضمها بالملك والعقد

تملك منها كلمة تشتهي ... من غير ما فحش ولا رد

هذا جوابي لقتيل الهوى ... فلا تكن بالحق تستعدي

وأخرج الخطيب البغدادي عن الغزي قال رأيت عاشقين اجتمعا فتحدثا من أول الليل إلى الغداة ثم قاما إلى الصلاة وفي معناه أنشد العلامة محمود لنفسه وهو من لزوم ما لا يلزم

للّه وقفة عاشقين تلاقيا ... من بعد طول نوى وبعد مزار

يتعاطيان من الغرام مدامة ... زادتهما بعداً من الأوزار

صدقا الغرام فلم يمل طرف إلى ... فحش ولا كف لحل ازار

فتلاقيا وتفرقا وكلاهما ... لم يخش مطعن عائب أوزاري

ومنه ما حكى عن بعضهم قال حكت لي امرأة عن شخص هويها وهويته أنه قال لها يوماً ها لك أن نحقق ما قيل فينا فقالت معاذ الله أن أفعل ذلك وأنا أقرأ الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين، وقيل لأعرابي ليلة تزويج محبوبته أيسرك أن تظفر بها قال نعم قيل فما كنت تصنع بها قال أطيع الحب في لثمها وأعصي الشيطان في اثمها.

وعن الأصمعي قيل لأعرابي ما تصنع إن ظفرت بمحبوبتك قال امتع عيني من وجهها وسمعي من حديثها واستر منها ما يحرم كشفه إلا عند حله وأنشد ابن القاسم في المعنى وإن كان فيه بعد لأنك تعتبر الحياء من الايمان اللازم للعفة وخوف الله تعالى:

كم قد خلوت بمن أهوى فيمنعني ... منه الحياء وقد أودى بمعقولي

يأبى الحياء وشيبي أن ألم به ... وخشية اللوم من قال ومن قيل

وأصرح منه في المقصود ما أنشده إبراهيم بن عرفة:

كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني ... منه الحياء وخوف اللّه والحذر

وكم خلوت بمن أهوى فيقنعني ... منه الفكاهة والتحديث والنظر

أهوى الحسان وأهوى أن أجالسهم ... وليس لي في حرام منهم وطر

كذلك الحب لا اتيان معصية ... لا خير في لذة من بعدها سقر

وأخرج صاحب الأصل عن سعيد بن عقبة الهمذاني قال لأعرابي حضر مجلسه ممن الرجل قال من قوم إذا عشقوا ماتوا فقال عذري ورب الكعبة ثم سأله علة ذلك فقال لأن في نسائنا صباحة وفي فتياتنا عفة وأخرجه في الخليفيات أيضاً وفي معناه أنشد حرب:

ما أن دعاني الهوى لفاحشة ... ألا عصاني الحياء والكرم

فلا إلى محرم مددت يدي ... ولا مشت بي لزلة قدم

هذا ما جاء في الآثار من العشق مع العفة وأما ما يدل على كثرة وقوعه واختصاص قوم بمزيد منه فكثير. فمن ذلك ما أخرجه التنوخي عن عروة بن الزبير قال قلت لعذري أنكم أرق الناس قلوباً يريد أصباهم إلى الحب فقال نعم لقد تركت ثلاثين شاباً خامرهم السل ما بهم داء إلا الحب وقيل لشخص منهم مثله فقال كقوله وزاد لكن غلبتنا بنو عامر بمجونها وفي منازل الأحباب للشهاب محمود ليس حي أصدق في الحب من بني عذرة ولا نضرب الأمثال فيه إلا بهم وقال قلت يوماً أتعدون موتكم في الحب مزية وهو من ضعف البنية وهن العقدة وضيق الرئة فقال أما والله لو رأيتم المحاجر البلج ترشق بالعيون الدعج من تحت الحواجب الزج والشفاه السمر تبسم عن الثنايا الغر كأنها شذر الدر لجعلتموها اللات والعزى وتركتم الإسلام وراء ظهوركم وعن أبي عمرو بن العلاء قال استنطقت إعرابياً عند الكعبة واستنسبته لماذا هو فصيح عذري فسألته هل علقه الحب فأنبأ عن شدة ولوع فسألته ما قال في ذلك فأنشد:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير