تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهو من جهة أخرى حذف تخفيف يبقي على المعنى ولا يغيره، كما أنه بحسب قول اللغويين غير ذلك لأن زيادة المبنى عندهم تؤدي لزيادة المعنى فيكون لفظ: اسطاعوا بمعنى لا يحمله لفظ: استطاعوا، وهو لا يفسد مذهبنا، فحذف حرف وإن لم يغير المعنى كلية إلا أنه يزيد فيه أو ينقص منه ولا بأس، فالتخفيف في اسطاعوا يعطي معنى بقدرة أقل من معنى لفظ استطاعوا دون إغفال بلاغة التركيب في الأسلوب للفظين، كما أنه يوحي بحصول العجلة في الظهور على السد الذي بناه ذو القرنين دون تحققه لأن تحققه يقتضي حالا آخر يحصل فيه النقب الفعلي، وهو يوحي من جهة أخرى حصول الالتزام القهري بالوقت اللازم لتحقيق الرغبة في نقبه.

والقول في: تحرَّرُ خفيف عن تتحرّرُ الذي يتطلب مشقة أكبر، وعملا أعظم، وليست هي على غرار: قتل في العادي، وقتّل في المبالغة، ربما نكون موفقين فيما ذهبنا إليه، فإن كنا به كان لنا، وإن كان علينا فهو علينا وحدنا وليس على لغتنا الثرة الفاتنة ..

إن إطلاق اسم القُصَيْصة بضم القاف وفتح الحرف الرابع منها على القصة القصيرة جدا، على القصة الومضة كان منذ زمن أبدعت فيه نصوصا قصصية موجهة للكبار والصغار على غرار نص: ضريبة الظلام في عشرة أسطر، ونص: الإنبات الغيبي في خمسة أسطر. ونص: مناجاة صوفية، ومليحة في زبالة، وإقامة في الحلم وكل واحدة منها في عشرة أسطر، ونحن الأحياء الفانون المنشورة في موقع القصة العربية بتاريخ: 15 فبراير 2006 عرفتها بقولي أنها ُقصَيْصَة مَمْدَرية، والتصغير الذي أعنيه هنا تصغير حجمي؛ في كثافة النص، وعددي؛ في جمله وفقراته، صحيح أن الأصل ُقصيصة كتصغير لقصة، وليس تصغير أقصوصة، ولكني أترك الأقصوصة على حالها شكلا وأفرغها من مدلولها الدال على القصة القصيرة وأسقطه للدلالة بها على نص أقل حجما من القصة القصيرة، لأنتقل بعد ذلك إلى التصغير المراد للدلالة على نص أقل حجما وكثافة وعددا في الجمل والفقرات من نفس الأقصوصة، ولكنه في كل الأحوال مبني على قاعدة التصغير العربية التي أعطت ُقصيْصة.

القصة القصيرة / الأقصوصة ((مصطلحان لنوع أدبي واحد ينبغي أن يقوم على أقل ما يمكن من الأحداث / حدث واحد يتنامى عبر شخصيات محدودة أو شخصية واحدة حاسمة، وفى إطار محدود جداً من الزمان والمكان حتى يبلغ الصراع ذروته عند تأزم الموقف وتعقيده لتأتي من ثمّ لحظة التنوير المناسبة معزولة عن المصادفة والافتعال دون اشتراط الحجم أو الطول الذي ينبغي أن يكون محدوداً بطبيعة الحال)) بقلم: أ. د. خليل أبو ذياب من موقع القصة السورية.

ونحن في هذه الدراسة نذهب مذهب أبو ذياب في وجوب أن يكون الحجم محدودا، وهذا بديهي وإلا كنا ما بعد حداثيين، ولكننا لا نذهب مذهبه كما مر معنا في اعتبار القصة القصيرة مرادفا للأقصوصة.

ويجب أن لا يفهم من كلامي هذا أن المحدودية محدودية شكلية قالبية ولو أنها كذلك في العين المجردة، لا يفهم ذلك لأن محدودية الجنس المعني هي نفس محدودية الجنس الآخر، هي نفس محدودية كل شكل من أشكال التعبير الأدبي، ولكن بما أنه لا بد من تلمس جمالية كل جنس على حدة، ولا بد من استقلاله بنفسه وبمكوناته عن غيره؛ كان لزاما أن يتحدد شكلا، غير أن التحديد الشكلي ليس محكوما عدديا، ليس محكوما بالكلمات والجمل والفقرات والنصوص، والمثال على ذلك في القصيصة: نجيب من نجيبة، إذ تقع في 21 سطرا في حاسوبي بخط التايمز الروماني؛ وبحجم 12 للخط المكتوب به، وبين ما لا يتجاوز عشرة أسطر مما سيأتي ذكره في هذه الدراسة، بل هو محكوم بشيء آخر مع مراعاة الشكل الذي تدخله النسب، يحكم الجنس من جانبين اثنين، يحكم بالشكل والمضمون، وهو في مَمْدريتنا / النظرية المَمْدَرية، محكوم بنفس ما ذكر، بيد أنه متحرر منهما معا، فكيف ذلك؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير