تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالله تعالى رحيم بعباده لا يكلفهم بما هو فوق طاقتهم من البلاء والامتحان.

والذي يقرأ قصة أيوب عليه السلام يجد أنه لم يدعو قبل ذلك، فهو لم يصبر عندما شمت به من شمت أو ظنوا فيه الظن السالف الذكر فدعا، وهذا حقه ولا ينافي الصبر.

ويلاحظ أنه لم يدعو عليهم بل دعا يطلب الرحمة من الله تعالى.

وهذه نقول مفيدة كما أظن والله أعلم:

ورد في تفسير الطبري:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) ... إلى آخر الآيتين، فإنه لما مسه الشيطان بنصب وعذاب، أنساه الله الدعاء أن يدعوه فيكشف ما به من ضرّ، غير أنه كان يذكر الله كثيرا، ولا يزيده البلاء في الله إلا رغبة وحسن إيمان، فلما انتهى الأجل، وقضى الله أنه كاشف ما به من ضرّ أذن له في الدعاء، ويسرَّه له، وكان قبل ذلك يقول تبارك وتعالى: لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني، ثم لا أستجيب له، فلما دعا استجاب له، وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين، ردّ إليه أهله ومثلهم معهم، وأثنى عليه فقال: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).

قال القرطبي:

... أن معنى: " مسني الضر " من شماتة الأعداء، ولهذا قيل له: ما كان أشد عليك في بلائك؟ قال شماتة الاعداء.

قال ابن العربي: وهذا ممكن فإن الكليم قد سأله أخوه العافية من ذلك فقال: " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء " [الأعراف: 150] ...

قال العلماء: ولم يكن قوله " مسني الضر " جزعا، لان الله تعالى قال: " إنا وجدناه صابرا " [ص: 44] بل كان ذلك دعاء منه، والجزع في الشكوى إلى الخلق لا إلى الله تعالى، والدعاء لا ينافي الرضا.

قال الثعلبي: سمعت أستاذنا أبا القاسم ابن حبيب يقول حضرت مجلسا غاصا بالفقهاء والأدباء في دار السلطان، فسألت عن هذه الآية بعد إجماعهم على أن قول أيوب كان شكاية قد قال الله تعالى: " إنا وجدناه صابرا " [ص: 44]

فقلت: ليس هذا شكاية وإنما كان دعاء، بيانه (فاستجبنا له) والإجابة تتعقب الدعاء لا الاشتكاء.

فاستحسنوه وارتضوه." أهـ

وورد في صحيح مسلم:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

"أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَمِنْ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَمِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ "

وسبحان الله قال هارون لموسى:

{ ... فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (الأعرا: ف150)

فدعا موسى قائلا:

{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (الأعراف:151)

ورد في تفسير الجلالين:

" (قال رب اغفر لي) ما صنعت بأخي (ولأخي) أشركه الدعاء إرضاء له ودفعا للشماتة به (وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين) " أهـ

وذكرني بدعاء أيوب حيث قال أيضا فيه {وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (الأنبياء:83).

فكما يظهر أن الشماتة فيها نوع من عدم الرحمة بالمبتلى.

وقد ورد في سنن الترمذي:

عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ:

" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُظْهِرْ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ "

ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Sep 2009, 01:26 ص]ـ

هذه النقولات مفيدة في الموضوع، والحديث صححه جمع من أهل العلم، ولكن ما فهمت من كلامك يا أبا الأشبال أنك تريد أن تقول إن سبب دعاء أيوب هو عدم تحمله لشماتة الأعداء وخاصة من الأقارب فهل هذا هو قصدك أخي الكريم؟

ـ[عذب الشجن]ــــــــ[08 Sep 2009, 02:32 ص]ـ

عجبا ثم عجبا

يصف الله النبي الكريم بأنه كان صابرا ثم نقول لِم لم يستطع الصبر؟

وهل الدعاء بكشف الكرب ورفع الضر ماينافي خلة الصبر أو يقدح في مقام الصابرين؟

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[08 Sep 2009, 05:02 ص]ـ

هذه النقولات مفيدة في الموضوع، والحديث صححه جمع من أهل العلم، ولكن ما فهمت من كلامك يا أبا الأشبال أنك تريد أن تقول إن سبب دعاء أيوب هو عدم تحمله لشماتة الأعداء وخاصة من الأقارب فهل هذا هو قصدك أخي الكريم؟

الأخ الكريم إبراهيم

لا أقصد الأقارب بالمعنى المفهوم، بل كل من هو قريب مثل الأخوة الذين لا يتوقع الإنسان منهم مثل ما حصل مع أيوب عليه السلام.

فقد يكون الأخوة في الله أقرب إلى الإنسان من أقاربه.

والمقصود أن يعقوب عليه السلام صبر عن الدعاء ولم يدعو، وبعد ما حدث دعا ربه:

* ورد في تفسير ابن كثير:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، حدثنا أبو عمران الجوني، عن نَوْف البِكَالي؛ أن الشيطان الذي عرج في أيوب كان يقال له: "سوط"، قال: وكانت امرأة أيوب تقول: "ادع الله فيشفيك"، فجعل لا يدعو، حتى مر به نفر من بني إسرائيل، فقال بعضهم لبعض: ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه، فعند ذلك قال: "رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين".

وهنا ملاحظة الأمر للمناقشة والمدارسة والاستفادة ولست مقررا لأمر بل أشرت في البداية إلى أني أسأل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير