اولا: المراجعة ضرورية لنتذكر الفرق بين التأويل والتفسير، وان كان المفسرين فى العصر الأول لم يفرقوا بين التفسير والتأويل، كما يمكن ملاحظة ذلك من قراءة تفسير شيخ المفسرين الطبرى و إستعمالة كلمة تأويل بمعتى تفسير، إلا انه بعد تأسسيس علوم التفسير و أصول الفقه أصبح للتأويل معنى علمى دقيق يختلف عن التفسير. فاللفط القرأنى عند العلماء له معانى راجحة ومرجوحة، والتفسير يذهب مباشرة إلى المعنى الراجح، اما التأويل فيعنى الإستغناء عن المعنى الراجح و أخذ المعنى المرجوح بدليل قوى. (المراجع: التفسير والمفسرون للدكتور حسين الذهبى، و تفسير النصوص للدكتور محمد أديب صالح، أصول المناهج الفقهية لعبد المجيد صبح، و الأصول من علم الأصول للشيخ محمد صالح العيثمين)
ومن هنا يجب مراجعة ما قيل حول الإعجاز لأنه فى كثير من الحالات يتأول عالم الإعجاز النص بلا دليل قوى، ومن ثم يخرج عالم الإعجاز اللفظ القرأنى عن سياق النص القرأنى، وهذا يقال عنه فى علم التفسير ... تكلف ... أى ان المفسر العلمى يفصل تفصيلا المعنى للأية دون دليل قوى، حتى يتفق تفسير الأية مع فهم المفسر العلمى لنتيجة ما من نتائج العلم.
ثانيا: المراجعة ضرورة حتى لا ننسى الفرق بين الحقيقة العلمية والنظرية او الفرض العلمى. فالحقيقة العلمية لا تتغير و يقينية بخلاف النظرية العلمية التى تتغير وتتبدل وهى ظنية (سأذكر لاحقا المراجع لمن يريد الإستزادة حول العلم و مناهجه)، و لذلك فالقول بالإعجاز العلمى لابد ان يستند إلى حقائق علمية ثابتة يقينية، لأن القرأن وحى يقينى و قطعى، ولا يجب ان يعتمد الإعجاز على النظريات المتغيرة الظنية، فلا يصح تفسير القطعى واليقينى بالظنى من نظريات و نتائج العلم.
و الكثير مما قيل عن الإعجاز العلمى يعتمد هلى نظريات ولا يستند إلى حقائق العلم (مثل نظرية الإنفجار العظيم، النظرية الذرية، عدد كواكب المجموعة الشمسية، عدد السموات، مكة مركز الأرض، خطوط الطول والعرض، و .. الخ، و سيأتى تفصيل ذلك لاحقا إن شاء الله).
ومن هذا يمكن لنا ان نتفق على معايير للحكم على ما كتب حول الإعجاز والتفسير، إعتمادا على التفرقة بين التفسير والتأويل، و الحقيقة العلمية و النظرية أو الفرضية العلمية. فكل تأويل يعتمد على نظرية او فرضية علمية فهو تفسير ظنى و لا يعتبر إعجازا، لانه تفسير يتغير من تغير العلم، وغير متفق عليه من العلماء، فهو بذلك ليس إعجازا بل تفسير علمى. ونحن هنا امام تفسير علمى ظنى و معياره هو "مقبول او غير مقبول"، وهذا الحكم سيعتمد على معايير أخرى ستأتى لاحقا إن شاء الله. أما إذا فسر القرأن بحقيقة علمية لا تتغير فهو صالح لان يكون إعجازاً علمياً، ولكن لو توفرت له شروط أخرى ستأتى لاحقا.
(يتبع)
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[28 Sep 2009, 05:08 م]ـ
لماذا اقترحت المراجعة؟ (6)
المراجعة أيضا ضرورية لكل ناقل و متكلم و باحث فى الإعجاز و لا يستثنى من ذلك المجتهد. والسبب ببساطة ان الحديث يدور حول العلم و الإعجاز العلمى و القرأن، وعند ذكر الوحى الإلهى و محاولة فهمة عن طريق العلم، وجب ان يلتزم المجتهد والمفسر و الباحث و المتكلم و الناقل أيضا بالدقة والضبط العلمى. لأن كلام الله يحتاج الفقه والدقة والضبط والفهم و التدبر والتأمل. و كلمة النقل هنا كلمة تعم من ينقل، والنقل هنا يعتمد على من هو الناقل: ...
المجتهد (والباحث أيضا) ينقل نتائج العلم من مصادرها، فلابد له من الدقة و الضبط العلمى فى النقل من مصادر موثقة، ولابد له من فهم مصطلحات العلم حتى ينضبط إجتهاده و بحثه عن القرأن و عن الإعجاز
و ايضا المتكلم ينقل، وحتى يكون نقله صحيحا لابد من ان يشير إلى المصدر الذى نقل منه، أما الناقل العادى، فلابد له من ان يعى ويدرك مسئوليته عن نقل كلام يخص القرأن، وهنا دور كل مسلم واع ومتعلم ان يرشد الناقل إلى أهمية دقة النقل فيما يخص القرأن
و هذه بعض الأمثلة التى توضح توثيق و دقة النقل من الباحث او المجتهد عندما ينقل نتائج العلم و حقائقه و نظرياته، قبل ان يفتى فى الإعجاز
(يتبع)
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[29 Sep 2009, 02:56 ص]ـ
أختي الغالية إذا كان الهدف من هذا بيان وجه الإعجاز العلمي الحق فلتتوحد الجهود في منتدى واحد وأهيب بالأخوة الاطلاع على ما كتب في التعليق على منتدى تهافت القول بالإعجاز العلمي، وما أدرج فيه من أدلة وبراهين.
ولسنا بحاجة إلى اقتراحات، فأصول علم التفسير حددها العلماء العالمين والعاملين بكتاب الله، وبيَّنوا القواعد وأصول العلوم التي ينبغي على المفسر الإحاطة بها. ويمكنك الاطلاع عليها مختصرة ومجموعة في بداية كتاب التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي الكلبي.
وليس الحديث عن كتاب الله تعالى بإثبات أو نفي بالأمر اليسير، فإذا كان من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم يتبوّأ مقعده من النار ومعلوم أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ليس أن ينسب إليه شخص كلاما لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، بل من نفى شيئا قاله النبي صلى الله عليه وسلم يشمله الحديث بأنه كاذب على النبي صلى الله عليه وسلم أيضا. فما بالكم بالذي يحجر على الله تعالى قوله فيقول لو أراد الله كذا لقال كذا ... فالنتنبّه لذلك الأمر
¥