تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[حسان بوبشيش]ــــــــ[18 Oct 2009, 06:45 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد لاحظت أن الكثير يرد وبكل ثقة على الأستاذ عبد الله جلغوم عما يكتبه عن الإعجاز العددي في القرآن الكريم ويقول أن كل ما توصل إليه لا يعني شيئا ويدعونه إلى الانصراف عن هذا النهج، ورغم كل هذا نجد الأستاذ عبد الله ماضٍ فيما بدأ ومتشبث بما يقول، وإني أرى في ذلك (والله اعلم) الرأي السديد لأن ما وجده الأستاذ عبد الله جلغوم يستدعي التوقف والتدبر، حيث أجد أن الأستاذ يقدم أدلة ملموسة على ما وجده وهذا إذا قرأنا كل ما كتبه لأنه السبيل إلى الفهم الجيد رغم أن المتدبر يمكن أن يكتفي ببعض الأمثلة الخاصة ليستيقن الأمر أو على الأقل ألا يستبعد الأمر.

من بين الردود على الإعجاز العددي من يقول أن السلف الصالح لم يهتم بمثل هذا المسلك لذا وجب علينا الانصراف عنه، وهذه حجة لا أرى فيها ما يقنع لأن الزمن يختلف والعلم تطوّر واختلفت اللغة فبعدما كانت لغة البيان والبلاغة والشعر هي مفخرة العرب وتفوقهم صارت اليوم لغة الرقم هي قوة الأمم وصارت التكنولوجيا الرقمية هي مقاس التقدم والتخلف، وبالتالي يمكن القول أن السلف الصالح قد قام بواجبه في عصره كما يجب حسْب ما كان من تحدٍ في وقتهم، والأجدر بنا أن نقوم نحن بواجبنا اليوم وأن نواجه التحدي القائم في زمننا هذا لأن الوسائل اللازمة لذلك متاحة اليوم والحمد لله.

اذا اردنا تعريفا للمعجزة فاننا نقول: هي ما يأتي به الرسول ليثبت صدق رسالته وهي أن يأتي بشئ لا يستطيع احد ان يأتي به، وأن تكون المعجزة مما نبغ فيه القوم وذلك حتي لا يقال أنه جاء بأمر لايعرفونه وليس لهم فيه موهبه فعلي سبيل المثال: ظهر سيدنا عيسي في قوم بارعين في الطب فكانت معجزته التفوق عليهم في علاج الأمراض فشفي الاعمي والابرص بل وأحيا الموتي باذن الله، اما سيدنا موسى فقد كانت معجزته فيما كان يتباهى به قومه وهو السحر فتفوق عليهم بمعجزة من الله. أما عن نبينا الكريم فظهر في قوم هم أهل لغة وبلاغة فكانت معجزته القرآن لكي يستيقن من عايشه أن هذا الكلام هو وحي من الله وأن صاحبه هو رسوله، لكن هل أرسل إلى قومه الذين برعوا في البلاغة فقط؟ طبعا لا وإنما أرسل إلى العالمين وهو آخر الأنبياء والرسل وبمعجزة واحدة وهي القرآن الكريم والذي لا تنقضي معجزاته التي أعجزت أهل البلاغة ولابد أن تُعجز أهل التكنولوجيا و فيما سيبرع فيه أهل المستقبل وهذا هو المنطق إن كنا نؤمن بأن القرآن كتاب لا تنقضي معجزاته و أن المعجزة تكون فيما برع فيه القوم (بالنسبة للقرآن نقول فيما برع فيه الإنس والجن) (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88 الاسراء). بالنسبة لنا اليوم ما حققته التكنولوجيا الرقمية وما توصل إليه الإنسان في عصرنا الحالي والذي هو ليس بالشيء الهين، أدى بالبعض إلى الاستهانة بكتاب الله فالكثير من غير المسلمين من يقول: أننا في عصر التكنولوجيا والمعلوماتية وأنتم تحدثوننا عن كتاب عمره أكثر من 14 قرنا. ولو تأملنا قليلا إلى هذا الافتراء لوجدنا انه لم يكن يقال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من بعده بقرون، لأنه لم يتوفر لديهم ما هو متوفر اليوم ولم يبلغوا من العلم في مجال التكنولوجيا ما بلغناه اليوم، لذلك كان اهتمامهم الأكبر بما هو سائد في وقتهم، فاهتموا بإظهار الجانب البلاغي أو البياني في أسلوب القرآن كإعجاز له. وبما أن القرآن لم ينزّل من أجل فئة معينة أو لفترة معينة بل هو منزّل للعالمين ولفترة زمنية ممتدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لذلك فلابد من هذا القرآن أن يحتوي على تحد لكل البشر وفي كل الأزمان وفي مختلف العلوم. فبالنظر إلى ما سبق ألا يجب علينا أن نتحقق من أن كتاب الله يحتوي على مثل هذا التحدي؟ من وجهة نظري أرى انه من الواجب علينا أن نتحقق من الأمر خاصة أن هناك أبحاثا تفتح الطريق لذلك. وأنا هنا لا أتكلم عن مبادرات فردية بل أتحدث عن مشروع كبير بإمكانات ضخمة سواء أكانت مادية أو فكرية لإظهار الأمر أو على الأقل للتحقق من الأمر بما أن الكثير من علمائنا متحفظون على هذا الشأن. إن هذا المشروع في رأيي هو

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير