ـ[جمال السبني]ــــــــ[24 Nov 2009, 09:44 م]ـ
2. قال سبحانه:" تلك آيات الكتاب وقرآن مبين" فالكتاب من جهة المكتوب، والقرآن من جهة المقروء. وعليه فالقائلين بالإعجاز العددي يقولون إنّ في رسم المصحف إعجازاً. وهذا لا يعني أنه ليس في الملفوظ أيضاً وجوهاً تتعلق باللفظ، ولكن لا نثبت إلا عن دليل.
الاستدلال بقوله تعالى (تلك آيات الكتاب وقرآن مبين) على أن المكتوب أيضا موحى به، استدلال واهٍ بنظري .. فكلمة (كتاب) وإن كانت فِعالا بمعنى (مفعول) أي (مكتوب)، ولكنها حال الاستعمال لا يتحتم أن يُقصَد بها هذا المعنى الاشتقاقي، فقد يكون (الكتاب) بمعنى (ما يصير كتابا في المستقبل) أو (ما من شأنه أن يكون مكتوبا) أو (ما هو كتاب كامل في الأصل وينزل نجوما مفرَّقة أو يصدر أقساما متفرقة) .. وقد تأتي كلمة (كتاب) أحيانا بمعنى (رسالة)، أو (صحيفة)، كما جاء في الشاهد المشهور قول الأعرابي الذي حكاه أبو عمرو ابن العلاء (جاءته كتابي).
وحتى إذا كانت الكلمة القرآنية بمعنى (مكتوب) تحديدا، لا يتعين أن يُفهَم من ذلك أن كيفية كتابة ذلك المكتوب هي موحى بها أيضا.
وكما قلتُ في السابق: أسقط رسم المصحف حروفا كثيرة من الألفات والواوات والياءات وغيرها، وهي من القرآن.
وعليه فمدرسة الإعجاز العددي تكون قد بحثت عن إعجاز الرسم وليس إعجاز القرآن.
ـ[جمال السبني]ــــــــ[24 Nov 2009, 10:36 م]ـ
4. كلمة (ءامنا) وفق رسم المصحف خمسة حروف، فإذا أضيفت الفاء أصبحت ستة حروف.
5. بالنسبة لمسألة الهمزة فإليكم ما قاله شيخي في كتاب المقتطف من بينات الإعجاز العددي: ((قول في الهمزة: نقل غانم الحمد في كتابه رسم المصحف، عن أبي عمرو الداني قوله: " والهمزة قد تصور على المذهبين من التحقيق والتسهيل، دلالة على فشوهما واستعمالهما فيها، إلا أنّ أكثر الرسم ورد على التخفيف ... ". وجاء في مناهل العرفان للزرقاني عند الحديث عن قواعد رسم الهمزة: " .. وإن سكن ما قبلها حذفت .. " ويعقب في الهامش قائلاً: " أي حذفت من الحرف ورسمت مفردة". عند دراسة بعض الوثائق المتعلقة برسم المصحف في عهد عثمان، رضي الله عنه، وجدنا أنهم يكتبون بطريقة تجعلك تميّز بين ما مثلاً وماء. وهذا يدل على أنهم كانوا يرسمون الهمزة قبل وضع صورتها هكذا: ء)) انتهى. من هنا أرجو أن نعلم أن إضافة النقط والألفات والياءات الصغيرة ..... ألخ. تختلف عن مسألة الهمزة؛ لأنّ الأولى إضافات إلى الرسم للتوضيح، والثانية لها قواعد في الرسم فصلها العلماء في كتب علوم القرآن ولم تُبحث في باب الإعجام.
أنا لم أجد حتى الآن في المصاحف الكوفية وما تبقى من المصاحف القديمة المكتوبة بالخط الحجازي المائل، رسما للهمزة. وما أورده الأخ البيراوي من أنه وُجِد أن كتبة المصاحف يكتبون بطريقة تجعلك تميّز بين ما مثلاً وماء، وهذا يدل على أنهم كانوا يرسمون الهمزة قبل وضع صورتها هكذا (ء)؛ فهو شيء جديد، نستفيد منه إذا اطلعنا على تفاصيله، ولكنني لا أعتقد أن المعلومة دقيقة أو وُضِعت موضعها، وربما يتعلق الأمر بمصحف أحدث من المصاحف الكوفية (والكلام في نفسه مشكل: كيف يمكن رسم الهمزة قبل وضع صورتها!!؟ أو كيف يمكن أن ترسم الهمزة بـ ء قبل أن توضع لها صورة!!؟ الكلام مشكل ولا يمكنني فهمه بشكل صحيح. ربما يوضحه لنا الأخ البيراوي فيما بعد).
ويُستفاد من كلام الداني وغيره أن رسم المصحف كله أو أكثره قائم على تخفيف الهمزة وتسهيلها حتى حذفها تماما في بعض الأحيان. فرسمت ألفا أو واوا أو ياءً أو حذفت تماما كما في (الخب) أي (الخَبْءَ). ويجب أن نعلم أن كتابة المصحف جرت وفقا للهجة الحجازية التي تخفف الهمزة في أكثر الحالات، ولهذا لم يَحْتَجوا إلى وضع صورة للهمزة، واحتاجوا إلى ذلك بعد غلبة لهجات غير الحجازيين التي تحقق الهمزة.
وأما (ءامنا) فليست الهمزة فيه مرسومة، وإنما رسم المصحف (امنا) وهو أربعة أحرف (ا + مـ + ـنـ + ـا) وليست خمسة أحرف. ولا يتعين أن يُضبَط بتلك الصورة (ءامنا) بل يمكن أيضا أن يُضبَط بصورة (أ1منا) أو (آمنا). كما يمكن ضبط (روف) بصورة (رؤوف) وليس فقط بصورة (رءوف).
¥