تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[25 Nov 2009, 02:18 ص]ـ

الأخ السبني حفظه الله،

1. وضع الأبجدية وحساب الجمّل كان من قِبل العرب، الذين تأثرت بهم الأمم المختلفة وأخذت عنهم بما في ذلك اليهود. ومن المضحك أن يلجأ بعض الكتّاب إلى خلط الأمور فينسب إلى اليهود ما يشاء ليتوصل بذلك إلى الإيحاء بالرفض.

2. أهل الشعوذة يلجؤون إلى توظيف كل ما هو مقدس ومؤثر، ومن هنا تجدهم يستخدمون الآيات القرآنية والحروف العربية والأرقام ... الخ. والإصرار على خلط الأمور هو تدليس على الناس أو جهل بالواقع. والذين يتكلمون بهذه اللغة يعلنون عن إفلاسهم. وعندما كنا نقرأ لأمثال هؤلاء كنا نزهد في فكرهم من غير تردد.

3. قرأت مقال الدكتور أحمد شكري فوجدته متوازناً وموضوعياً. والمشكلة الحقيقية هي في عدد ممن يكتبون ولا يميزهم إلا الأسلوب الخطابي والحرص على التعبير بشكليات بالفصحى بعيداً عن الجوهر. ومنهم من يحكم على المضمون من خلال العنوان. والشيعة وغيرهم يوظفون كل شيء لنصرة باطلهم. ويبقى السؤال الأهم: هل ينجحون؟!! (ولا يفلح الساحر حيث أتى).

4. الحكم على الشيء فرع عن تصوره. وواضح من كلامك أخي جمال أنك تحكم على بعض الأبحاث ثم تعمم، وليتك تُخصص جزءاً من وقتك لمطالعة بعض الأبحاث الجادة.

5. ضربتَ مثالاً باختلاف عدد الكلمات من قراءة إلى أخرى، وأنت تعلم أخي أن الأمثلة معددودة على الأصابع ولا تؤثر على نتائج عددية تُعدُّ بالمئات على أقل تقدير. ولا أدري ما ضرورة تتبع كل القراءات ولدينا قراءة متواترة ثابتة عن الرسول عليه السلام. بل هي القراءة التي تتوافق مع ما يكتبه ويلفظه علماء الأمة وعامتها من عصر الرسول عليه السلام إلى يومنا هذا.

6. كُتب علوم القرآن تتحدث مطولاً عن قواعد كتابة الهمزة. ولا أدري لماذا تُكتب على ألف أو على واو أو على ياء ثم لا تكتب في الحالة الرابعة. ولكنني أفهم ذلك عندما أجد أن جاء تلفظ في بعض القراءات جا. وأين نجد عربياً اليوم يكتب جا بدل جاء، في أي كتاب، في أي صحيفة، في أي نشرة أخبار ..... ؟. أما بالنسبة للمصاحف التاريخية فقد لاحظنا في نسخ منسوبة إلى عهد عثمان رضي الله عنه تكتب جا،من غير نقط طبعاً، ثم ترسم على يسار الألف نقطة صماء متصلة بالألف من الأعلى، ولا ترسم ذلك في ما. نقول ذلك مع علمنا أن أكثر ما يقال عن تطور الخط نظريات لا تزال محل جدل، كالنظرية التي تقول إن النقط لم يكن موجوداً قبل الإسلام.

7. ألا تلاحظ أخي جمال أنك ذهبت تصرف الكلام عن ظاهره في مثل قوله تعالى:"تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"؛ فالنصوص تُصرّح أن الله تعالى أنزل القرآن والكتاب ثم نقول لم ينزل الكتاب وإنما أنزل ما سيكتب!!!

8. ولا أدري كيف يجروء الصحابة على حذف حرف نزل به جبريل عليه السلام ملفوظاً. فإذا قلتَ هكذا يكتبون دون ألفات!! قلنا: ولكنهم كتبوا الألفات في كلمات كثيرة جداً وحذفوها في كلمات مماثلة، بل كثيراً ما تتجاور الكلمات التي كتبت فيها الألف أو حذفت. وأكرر هنا القول: نعم يتعامل أصحاب الإعجاز العددي مع ما هو مكتوب.

9. لا أدري أخي الكريم لماذا تُكثر من الكلام عن الكلمة النحوية وأنت تعلم أننا نتعامل مع الرسم. وأرجو أن تعلم أن الفصل والوصل هو من مفردات علم القراءات، أي أن الأمر مرتبط بما تواتر من قراءات. ولماذا تصر أخي على فرض تصورك للكلمة الملفوظة ونحن نتكلم عن الكلمة المكتوبة، ومن هنا نتكلم عن توقيف الرسم الذي هو مذهب الجمهور.

10. ثبت أن الصحابة كانوا يكتبون بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم. ونحن نتكلم عن رسول، وأنت تعجب من أمّي يُملي على الكتبة!! بل العجب كل العجب من معرفته عليه السلام بما يُضمره فُضالة من شر وهو يطوف خلفه حول الكعبة. والعجب أيضاً كيف يروي عليه السلام وهو على المنبر أحداثاً تبعد ألف كيلومتراً فيقول عليه السلام: "ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله .... ". من هنا لا داعي للقول إنه أمي فكيف يُصوّب الكتبة. وعندما ندرس الرسم العثماني ندرك أن ما كتبه الصحابة لا يمكن أن يكون باجتهاد منهم. وبلغة أهل الحديث نقول: إنه الموقوف الذي له حكم المرفوع. ثم تقول أخي أين النص؟! نعم أنا أقول لك أين هو: عندما يثبت أنهم كتبوا القرآن كله بين يدي الرسول عليه السلام، وعندما يثبت أن اللجنة في زمن أبي بكر رضي الله عنه لم تكن تكتب من الذاكرة وكانت تحرص أن تنظر في صُحف الرسول عليه السلام وتتحقق من ذلك. وعندما نجد اللجنة في زمن عثمان رضي الله عنه تحرص على صحف أبي بكر. عندما نجد ذلك كله ونعلم علم اليقين أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أبعد ما يكون عن الابتداع وكانوا هم أهل الاتباع الصارم، ندرك أنه من المستحيل أن يتصرفوا في الكتابة على الوجه الذي نراه في المصاحف.

11. أما محاولة تفسير هذه الظواهر بعيداً عن القول بالتوقيف فهي كما يظهر لنا محاولات طفولية ومتهافتة؛ فكيف يمكنهم ذلك ورسم أغلب الكلمات القرآنية مألوف لنا وللقدماء، ثم نفاجأ ــ نحن ومن سلف ــ بمخالفة القواعد في كل المصاحف وفي الكلمات المتباعدة و المتجاورة والمتماثلة وغير المتماثلة ... إذن بما تعدنا أخي جمال بعد أكثر من 1400 سنة، وبعد أن انقضى القرن الماضي بكل جدلياته؟! هل تعدنا بأبحاث تفسر ظواهر الرسم العثماني المختلف عن الرسم العثماني لينهار القول بالتوقيف؟! أقول ستكون المفاجأة لهم بعد ذلك أن يطلب منهم أن يفسروا لنا الظواهر العددية في الرسم، وأن يفسروا لنا كيف يمكن أن تصبح الصدفة هي القاعدة!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير