قال في الموسوعة الميسرة: " من يلاحظ تفسيره وما وضع فيه من الخزعبلات والخرافات وترك الموضوع الرئيسي ألا وهو تفسير القرآن، وبدأ يسرد القصص وأنواع العلوم والفنون والاكتشافات العصرية الكبيرة والمعجزات الكثيرة الموجودة في القرآن وغير ذلك، ووضع في تفسيره الصور واللوحات وخصص جزءاً قليلاً إلى التفسير الفعلي للآيات، أو ما يسمى التفسير اللغوي لها، وقد نقلنا بعض المواضع التي تغني عن الكثير حيث كان يستخدم التأويل أو المجاز، ولا يثبت لله سبحانه اليد أو السمع أو البصر أو غيرها وإليك بعض المواضع التي نقلنها من تفسيره المسمى الجواهر في تفسير القرآن حيث قال في تفسير القرآن الكريم:
حيث قال في تفسير {استوى على العرش} [يونس:4ـ6]
" استعلى بالقهر والغلبة كما جاء في الآية الأخرى:
{وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكرا نعمة ربكم إذا استويتم عليه} والعرش إما بمعنى البناء، فكل بناء يسمى عرشاً وبانيه يسمى عارشاً ".
وقال في تفسير سورة هود (6/ 128):" {كان عرشه على الماء} وقد تقدم تفسير هذا في أول سورة يونس بأن الماء العلم: أي وكان ملكه قائماً على العلم ولايزال كذلك وإنما خلق السموات والأرض ليربي ذوي الأرواح فيهما بالخير والشر ".
وقال في تفسير سورة البقرة (1/ 114):
" {فأينما تولوا وجهكم فثم وجه الله}: أي جهة رضاه وليس الله مختصاً بمكان، بل هو (واسع) الفضل (عليم) بتدبير خلقه ".
وفي تفسير سورة المائدة (3/ 196):" {قالت اليهود يد الله مغلولة} فهو مجاز إما عن البخل أو الفقر ... {بل يداه مبسوطتان} ثنى اليد مبالغة في نفي البخل وإثبات الجود. اهـ (23)
وقال الباحث أنور يوسف في رسالته " طنطاوي جوهري، ومنهجه في التفسير:
" بعد أن وقفنا طويلاً على تفسير الجواهر ومضامينه، وعشنا بين جنباته وصفحاته، وأفكاره وآرائه، صار لزاماً علي أن أقول رأيي فيه، وكم ترددت في ألاّ أصدر حكماً أراه الأخير في هذا البحث، لكنَّ خطورة وأهمية الموضوع والأمانة الشرعية فرضت عليّ أن أذكر قناعاتي المتواضعة اتجاه هذا التفسير، والله من وراء القصد.
أولاً: لقد كان تفسير الجواهر نتاج مرحلة قلقة عاشت الأمة الإسلامية، وظروف قاسية هيمنت على جل العالم الإسلامي ومنه مصر، لذلك حاول الشيخ طنطاوي أن يمد يد العون، حتى يرفع شأن الأمة ما استطاع، وقد أوصله اجتهاده إلى أن العلم طريق الخلاص، لكنه أخطأ الطريق حينما سخر القرآن الكريم من أجل نشر العلم وتعليم المسلمين. وفي رأيي أنه لم يوفق في الوصول إلى هدف القرآن، كما أنه لم يوفق في تحديد الوسيلة المناسبة لعرض آرائه وأفكاره، وكنا نود لو أنه صنف كتاباً أو كتباً خاصة تتضمن هذه الآراء والأفكار.
ثانياً: إن تفسير الجواهر يمثل اتجاهاً موازياً لمدرسة فكرية قديمة، كان روادها من الفلاسفة الذين حالوا التوفيق بين الدين والفلسفة، على أثر انبهار أولئك من الفلسفة اليونانية حينما ترجمت كتبها إلى العربية وغزت العالم الإسلامي.
وهكذا يعيد التاريخ نفسه، فحينما ذهل المسلمون من التفوق العلمي الذي نهض في أوربا راحوا يسعون إلى التوفيق بين الدين والعلم، وبهذا يكون العلم الحديث قد حلّ مكان الفلسفة في الاتجاه المعاصر.
ثالثاً: يلاحظ أن تفسير الجواهر جاء يخاطب عصره لا أكثر، لأنه محمّل بطبيعة ذلك العصر وأحواله ومشكلاته، ولقد أضعف ذلك صلاحية التفسير لزمن تجاوز زمن المؤلف أو تجاوز المشكلات التي ذكرها بعد أن تمّ حلها. ولئن كان للجواهر شهرة في عصره أو كان ذا تأثير قوي ـ بخاصة ـ خارج مصر؛ فإننا نلمح فعاليته تكاد تتلاشى في هذا الزمن الذي تجاوز دعوة الشيخ، ولعل من دلائل ما أقول انصراف العلماء والناس عنه إلى حد بعيد.
رابعاً: لقد قضى الشيخ الطنطاوي ـ رحمه الله ـ سنوات من عمره في تحضير وتحبير تفسيره، ربما ضاع معظمها سدى ـ والأجر من الله ـ لأنه لم يأت بجديد على تفسير الأولين، بل خرج عن مناهج السلف في تفسير كتاب الله تعالى.
ولأن الجديد الذي فيه من العلوم هي علوم موجودة في كتب العلم لم يخترعها الشيخ ولا أبدع فيها، و إنما ساقها إلى غير أماكنها المعهودة في كتاب الله الذي لم يأت موسوعة للعلم ونظرياته وتجاربه، ولم يكن ولن يكون ـ حقلاً للعلوم البشرية المضطربة.
¥