تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

خامساً: إن طنطاوي لم يقدم لنا تفسيراً كاملاً للقرآن بجهده وفكره، ولو أنه جعل من تفسير آيات العلوم التي رآها كتاباً سماه مثلاً تفسير آيات العلوم أو أي اسم يشابه ذلك لكان أولى.

سادساً: أرى أنه لا يمكن اعتماد تفسير الجواهر على أنه تفسير يعتد بما فيه لأنه ترك التفسير بالمأثور، وغالى في الاعتماد على العقل فأكثر من التفسير برأيه وخالف قواعد التفسير. لكنّه يصلح أن تؤخذ منه بعض اللطائف الجيدة ـ بعد التأكد من صحتها ـ وبعض الموضوعات التي أجاد فيها.

سابعاً: يظهر لي من خلال دراسة شخصية طنطاوي وآثاره أنه كان حسن النية فيما ذهب إليه، وأن تفسيره كان اجتهاداً اجتهده، ورأيا رآه وأجره عند ربه.

لكن طيب النية ـ التي مجالها الآخرة ـ لا يغير شيئاً مما أخذه العلماء على تفسيره، أو مما نقدته به".اهـ (24)

وقال فيه د. محمد حسين الذهبي ـ رحمه الله ـ:

" لقد وضع المؤلف في تفسيره هذا ما يحتاجه المسلم من الأحكام، والأخلاق، وعجائب الكون، وأثبت فيه غرائب العلوم وعجائب الخلق، مما يَشوِّق المسلمين والمسلمات - كما يقول - إلى الوقوف على حقائق معانى الآيات البيِّنات في الحيوان والنبات، والأرض والسموات.

هذا .. وإن المؤلف - رحمه الله - ليقرر في تفسيره أن في القرآن من آيات العلوم ما يربو على سبعمائة وخمسين آية، في حين أن علم الفقه لا تزيد آياته الصريحة على مائة وخمسين آية، كما يقرر " أن الإسلام جاء لأُمم كثيرة، وأن سور القرآن متممات لأُمور أظهرها العلم الحديث".

وكثيراً ما نجد المؤلف - رحمه الله - في تفسيره يهيب بالمسلمين أن يتأملوا في آيات القرآن التي ترشد إلى علوم الكون، ويحثهم على العمل بما فيها، ويندد بمن يُغفل هذه الآيات على كثرتها، وينعى على مَن أغفلها من السابقين الأوَّلين، ووقف عند آيات الأحكام وغيرها مما يتعلق بأُمور العقيدة.

نجد المؤلف يكرر هذه النغمة في كثير من مواضع الكتاب فيقول في موضع منه: "يا أمة الإسلام؛ آيات معدودات في الفرائض اجتذبت فرعاً من علم الرياضيات، فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب الدنيا كلها ... هذا زمان العلوم، وهذا زمان ظهور نور الإسلام، هذا زمان رقيه، يا ليت شعري .. لماذا لا نعمل في آيات العلوم الكونية ما فعله آباؤنا في آيات الميراث؟ ولكني أقول: الحمد لله ... الحمد لله، إنك تقرأ في هذا التفسير خلاصات من العلوم، ودراستها أفضل من دراسة علم الفرائض، لأنه فرض كفاية، فأما هذه فإنها للازدياد في معرفة الله وهى فرض عَيْن على كل قادر ... إن هذه العلوم التي أدخلناها في تفسير القرآن، هي التي أغفلها الجهلاء المغرورون من صغار الفقهاء في الإسلام، فهذا زمان الانقلاب، وظهور الحقائق، والله يهدى مَن يشاء إلى صراط مستقيم".

فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى في الآية [61] من سورة البقرة: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} ... الآية، نجده يقول: "الفوائد الطيبة في هذه الآية" ثم يأخذ في بيان ما أثبته الطب الحديث من نظريات طبية، ويذكر مناهج أطباء أوروبا في الطب، ثم يقول: "أَوَ ليست هذه المناهج هي التي نحا نحوها القرآن؟ أَوَ ليس قوله: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} رمزاً لذلك؟ كأنه يقول: العيشة البدوية على المن والسلوى ... وهما الطعامان الخفيفان اللذان لا مرض يتبعهما، مع الهواء النقي والحياة الحرة، أفضل من حياة شقية في المدن بأكل التوابل، واللحم، والإكثار من ألوان الطعام، مع الذلة، وجور الحكام، والجبن، وطمع الجيران من الممالك، فتختطفكم في حين غفلة وأنتم لا تشعرون. بمثل هذا تُفسِّر هذه الآيات. بمثل هذا فليفهم المسلمون كتاب الله".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير