تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا التطور في علم الدلالة في سياقه الغربي استفاد من تراكمات معرفية سابقة، لكن الباحثين في هذا المجال يلاحظون أن الدراسات الدلالية أغفلت جهود الدلاليين العرب القدامى فلم تأت على ذكرهم في سلسلة تطور الاهتمام الدلالي القديم [12]، وقد أسهمت الدراسات اللغوية العربية الحديثة في إبراز جهود اللغويين والأصوليين في مجال الدلالة، ورغم هذه الجهود فإنهم لم ينكروا الإضافة العلمية في علم الدلالة الحديث وآفاق الاستفادة منه، بل أبرزوا التكامل الذي يضيفه إلى الدراسات العربية.

فقضية المعنى كموضوع لعلم الدلالة لم تعالج في المعاجم والقواميس، والتي قدمت معاني ألفاظ اللغة التي ترصدها دون أن تقدم نظرية حول طبيعة المعنى في اللغة، فما تقدمه المعاجم حكم وصفي لا يعالج سؤال (ما هو المعنى؟) الذي يهتم به علم الدلالة [13].

ومن ناحية أخرى فإن علم الدلالة اتجه إلى العوامل الخارجية ذات الأثر في الألفاظ من إنسانية واجتماعية، بل ونفسية وعاطفية، وما لهذه العوامل من أثر في انكماش بعض الألفاظ في دلالتها أو انحدار في سموها [14]. وبالتالي فنحن أمام علم حديث إن لم يصل إلى نظرية نهائية متسقة في دراسة المعنى فإنه رغم ذلك يشكل إضافة مهمة في دراسة المعنى [15].

هذا الجانب الحديث في علم الدلالة هو ما سنبحث إمكانية استخدامه في فهم القرآن، لكن الحديث إلى حد الآن ما يزال في العموم وفي سياق إثبات أن هناك ما هو جديد في علم الدلالة يختلف عن النظريات الدلالية عند اللغويين والأصوليين التي لا تقل أهمية وعمقاً وثراء واتساقاً، والتحديد الدقيق سيكون لاحقاً عند الحديث عن منهج إيزوتسو ومقدماته النظرية التي ضبط من خلالها ما سيستثمره من علم الدلالة في فهم القرآن.

ثانياً: تعريف بالباحث ايزوتسو Toshihiko Izutsu

من المهم البدء بالتعريف بالباحث إيزوتسو إذ هو مجهول في الأوساط العربية ولا يعرفه إلا القلة من المتخصصين، لذا سأعرف به كمقدمة للتعرف على منهجه.

ولد الباحث الياباني [16] Toshihiko Izutsu في طوكيو في اليابان، عام/1914، وكَانَ باحثاً ولغوياً وأستاذاً جامعياً، درَّس في معهدِ الدِراساتِ الثقافيةِ واللغويةِ من جامعةِ كيو Keio في طوكيو (1954 - 1968)، وفي المعهد الملكي لدراسة الفلسفةِ في طهران، وفي معهد الدراسات الإسلامية من جامعة مكجل McGill في مونتريال بكندا، وكان أستاذاً فخرياً وعضواًَ في الأكاديمية اليابانية.

ألف عدداً مِنْ الكُتُبِ عن الإسلامِ والأديانِ الأخرى، وعن اللغة والتصوف، وكان موهوباً جداً في تَعلّّم اللغاتِ الأجنبيةِ، وكان على معرفة دقيقة بالعربية، والفرنسية والألمانية، فضلاً عن الإنكليزية، وهو من أوائل من ترجم القرآن الكريم إلى اللغة اليابانية، وترجمته معروفة بدقتِها اللغويةِ وما زالَتْ مشهورة وكثيرة الاستعمال في الأعمال العلمية.

توفي في:1يوليو/تموز 1993، ونقل تلامذته إسلامه وأنه سمى نفسه (مختار) [17].

ألف بالإنكليزية:

1. المفهومات الأخلاقية - الدينية في القرآن ( Ethico-Religious Concepts in the Quran ) طبع منقحاً عام 1966 وأعيد نشره عام 2002، وترجمه إلى العربية الأستاذ الدكتور عيسى علي العاكوب، وصدرت الترجمة عن دار الملتقى بحلب 2008.

2. بين الله والإنسان في القرآن: دراسة دلالية لنظرة القرآن إلى العالم،

GOD AND MAN IN THE KORAN: Semantics of the koranic weltanschauung

وقد صدر للمرة الأولى بالإنكليزية عام 1964 عن معهد جامعة كيو للدراسات الثقافية واللغوية بطوكيو. وبعد تسع سنوات على وفاته عام 1993، صدرت طبعته الثانية بالإنكليزية أيضاً في ماليزيا عام 2002، وترجمه إلى العربية الأستاذ الدكتور عيسى علي العاكوب، وصدرت الترجمة عن دار الملتقى بحلب 2007، وقد صدرت ترجمة أخرى للكتاب بعنوان: "الله والإنسان في القرآن، علم دلالة الرؤية القرآنية للعالم"، أعدها الدكتور هلال محمد الجهاد، وذلك عن المنظمة العربية للترجمة عام 2007. [18].

3. مفهوم الإيمان في علم الكلام الإسلامي Concept of Belief in Islamic Theology صدر عام 1980، وهو قيد الترجمة من قبل الدكتور العاكوب.

4. دراسة مقارنة للمفهومات الفلسفية الرئيسة في التصوف والطاويه (1984)

Sufism and Taoism: A Comparative Study of Key Philosophical Concepts

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير