ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[03 Mar 2010, 04:39 م]ـ
قال عز وجل: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" [إبراهيم/4]
اي يوضح لهم أوامر الله عز وجل ونواهيه وقد بين الله تعالى ذلك في أمر النبي عليه الصلاة والسلام , فقد زجر من يزعم الإيمان بالله ورسله وكتبه ثم يعرض عن الرسول , وجعل هذا الإعراض دلالة على نفاق تأصل في القلب ,ثم ظهر على الجوارح الإعراض والإنكار.
قال عز وجل:"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) "فما أنزل الله هو ما يحكم به الرسول عليه السلام والوحي سبيل لعصمة حكم النبي , فلم يكن سبب الصدود إلا علمهم بأن النبي عليه الصلاة والسلام سيحكم بكتاب الله , ولن يدع لهم مجالا للمراوغة أو اللغو في القران.
وقال عز وجل:
"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) " فلم يكن مجرد قبول حكم النبي عليه الصلاة والسلام هو طريق القبول عند الله ولكن التسليم بما قضى النبي عليه السلام بأنه حق واجب الطاعة فيما أمر.
ثم أجد أنك تقول أنك لم تجد أن النبي عليه الصلاة والسلام قد بين شيئا من القران وإنما القران بين نفسه. وهذا قول غير صحيح من أوجه:
الأول: أن القران في أغلبه محكم , وقليل منه متشابه وذلك قوله تعالى:
"هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ" (7) [آل عمران/7، 8] فأم الكتاب محكم والقليل متشابه.
" وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ" [البقرة/99] فالآيات الواضحات في صدق النبي عليه الصلاة والسلام والتوحيد والوحي لا يوجد فيها تشابه , لأنها أُنزلت لهداية الناس.
وكذلك الأمر الواضح لرد ما نختلف فيه الى الله والى الرسول:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) " [النساء/59] فلما كان أُولي الأمر قد يختلف الناس معهم جعل الله الحكم مرجعه الى من لا يحق أن يختلف في حكمه وهو الله عز وجل برد ذلك لكتابه ,والرسول ورد الأمر لسنته عليه الصلاةوالسلام.
هل بين محمد صلى الله عليه وسلم ما نزل الينا؟ نعم بين ذلك ,فلقد بين الصلاة والزكاة والحج والصوم والاحكام التي أُجملت في كتاب الله وفصلت بسنته عليه الصلاة والسلام. وكذا الأخبار الصحيحة تبين أن النبي بين للناس الكثير مما لم يعرفوه بالوجه الصوب. كقوله لعدي بن حاتم "تلك عبادتهم إياهم ".
فإذا كان الوحي قد نزل على محمد عليه الصلاة والسلام بالصلاة فصلى فيحال أن يكون قد صلى على غير ما أمر , ولذلك يلزم أن تكون هذه الكيفية هي الموحاة من عند الله عز وجل دون غيرها من المعاني أو الطرق التي يصلي بها غير المسلمين وأهل الكتاب, وهذ إلزام عقلي بإتباع السنة.
أما أهل الشريعة فلم يختلفوا في ذلك وإنما إختلفت فرق المسلمين في ثبوت ما يروى عنه , وكيف يكون القول الواصل إلينا هو قول النبي, فاشترط أهل السنة صحة خبر الواحد, وأنكرت بعض الفرق ذلك وزعموا أن الأمر موقوف على التواتر.
أما ما يتعلق ببيان القران للقران فهذا معروف والقران متشابه يصدق بعضه بعضا.