تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي أربعة أبيات أخرى، نقل للقارئ مشهدا حيّا عما جرى في البيت الذي ودعّ الفقيد إلى غير رجعة،فالعيون باكية، والقلوب نازفة، والإحساس المؤلم بالغياب قد طغى في المكان، كما على الملامح وفي العيون.

وفي البيت الخامس يصعد الشاعر نعيمان بقصيدته إلى القمة، حيث يدعو ليلة العشر من محرم إلى البكاء على فقيدها هي أيضا:

يا ليلة العشر من محرم الحرم

ابكي على العاشق المتيم الصائم

(ورد اللفظ في القصيدة: ابك، ولعله خطا طباعة، والصواب: ابكي)

ويبدع الشاعر حينما يجعل من ذلك البيت مدخلا للحديث عن مناقب الميت، حيث ينتقل بالقارئ بهدوء وخفة، إلى مشهد آخر مليء بالصور والذكريات التي تتحدث عن الفقيد،فهو من القائمين الليل، والشاكرين، والذاكرين، والمتصدقين، والصائمين،والمنفقين، والراكعين الساجدين، الذين نشأوا على طاعة الله. وهل هناك ما هو أجل وأسمى وأحسن؟

لكأني بالشاعر مازال يخاطب ليلة العشر من محرم، فيعددّ لها مناقب الرجل الذي فقدته، ويبرر لها دعوته بأن تبكي عليه، وتحزن.

وفي أربعة أبيات أخرى، يتوقف الشاعر عند محطة من حياة الفقيد، فقد كان شاعرا مجيدا، ملتزما، يعيش آلام الأمة وآمالها، وينبض شعره بهمومها وقضاياها، به يستنهض الهمم والعزائم، ويحارب الظلم،ويهدي إلى الخير والتصويب؛ ولعل هذا الالتزام الديني هو ما أدى إلى ضياع سنين عديدة من حياة الفقيد في السجن، كما أفصح عن ذلك في قوله (بين جهاد وتعذيب وسجن مضت).

وبعد ذلك يتوقف عند محطة أخرى، فقد كان الفقيد مربيا فاضلا، أحسن تربية أبنائه فشبوا على ما كان عليه الأب من الشمائل ومكارم الأخلاق، وكان ذلك هو منهجه خارج البيت في تربية جيل من الشباب المسلم،وغرس قيم الخير والفضيلة في نفوسهم.

وبعد كل هذا، ما العجب أن تحتشد هذه الجموع مودعة ومعزية ومؤاسية بالفقيد الكبير؟

مشهد آخر ينقله الشاعر لنا، مشهد الوداع،والجماهير التي خرجت مودعة فقيدها الراحل،تريد أن يكون لها نصيب في عزاء أبناء الفقيد، ولتكون شاهدة على سيرته العطرة، وحياته الحافلة بأطيب الأعمال.

ومن مشهد الجموع والوقوف عند قبر الميت،وعودة المعزين إلى أعمالهم، ينقلنا الشاعر إلى بيت الفقيد، حيث يتولى بنفسه عزاء الأم المفجوعة بزوجها، فيدعوها إلى الصبر،والرضى بقضاء الله، ويذكرها بابنيها أحمد ومحمد، ففيهما ستجد العون والأمان.

ويختم الشاعر مرثيته، بالبوح عما تركه الفقيد في نفسه من الحزن الذي لن يفارقه أبدا، بل ويذهب إلى أن القبور كلها قد أصبحت لديه قبر أبيه، وكلها تبعث الشجى في نفسه، وتذكره بالوالد الحبيب، وهو في ذلك يشير إلى حالة الشاعر المسلم " متمم بن نويرة " الذي أوقف كل شعره على رثاء أخيه مالك، وفي ذلك يقول:

فقلت لهم إن الشجى يبعث على الشجى

دعوني فهذا كله قبر مالك

وبعد، يدعو له بالرحمة، وجنات الخلد. ويحمد الله على نعمة الإسلام، ويجعل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم آخر كلامه.

أخي الحبيب نعيمان،

هل فات الأوان على قبول التعازي؟ لا أظن ذلك، فإذا كانت القبور كلها قبر والدك،وكل منها يعيدك إلى الحزن والوجع، وموقف الوداع المحفور في القلب والذاكرة .. فالأوان لم يفت بعد، أرجو أن تتقبل عزائي بالوالد العظيم، لقد جعلتنا نحبه ونبكيه رغم أن عيوننا لم تكتحل برؤيته. نسأل الله أن يكون مع النبيين والصديقين والشهداء.

ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[30 Apr 2010, 06:35 م]ـ

يا ليلة العشرِ من محرّمِ الحُرُمِابكِ على العاشق المتيّم الصائمِ

القائمِ الليلَ ذكراً شاكراً ربّهوقارئاً في كتاب ربِّه المنعمِ

والمنفقِ المالَ إحساناً وتكرمةًمن فجرِ عهد الصِّبا في دوحة الكرمِ

ويبدع الأبن حينما يجعل من ذلك البيت مدخلا للحديث عن مناقب الميت، حيث ينتقل بالقارئ بهدوء وخفة، إلى مشهد آخر مليء بالصور والذكريات التي تتحدث عن الفقيد،فهو من القائمين الليل، والشاكرين، والذاكرين، والمتصدقين، والصائمين،والمنفقين، والراكعين الساجدين، الذين نشأوا على طاعة الله. وهل هناك ما هو أجل وأسمى وأحسن

وحق للدنيا أن تبكي بما فيها لفقد رجل صالح لكن عزاؤنا بأن الدنيا دار ممر وليست للخلود وإنما الخلود بأذن الله في جنة الفردوس

ـ[نعيمان]ــــــــ[03 May 2010, 09:23 م]ـ

رحم الله والدكم وأسكنه فسيح جناته إنه جواد كريم

اللهمّ آمين

وشكر الله لكم تعزيتكم فضيلة الدّكتور إلياس ورحم أمواتنا جميعاً وغفر لهم، وأكرم نزلهم، وآنس وحشتهم، ونوّر تربتهم، وجعلها روضة من رياض الجنّة، وأعلى منزلتهم في الآخرة. وألحقنا بهم في الصّالحين.

ـ[نعيمان]ــــــــ[03 May 2010, 09:27 م]ـ

يا ليلة العشرِ من محرّمِ الحُرُمِ * ابكي على العاشق المتيّم الصائمِ

القائمِ الليلَ ذكراً شاكراً ربّه * وقارئاً في كتاب ربِّه المنعمِ

والمنفقِ المالَ إحساناً وتكرمةً * من فجرِ عهد الصِّبا في دوحة الكرمِ

ويبدع الأبن حينما يجعل من ذلك البيت مدخلا للحديث عن مناقب الميت، حيث ينتقل بالقارئ بهدوء وخفة، إلى مشهد آخر مليء بالصور والذكريات التي تتحدث عن الفقيد،فهو من القائمين الليل، والشاكرين، والذاكرين، والمتصدقين، والصائمين،والمنفقين، والراكعين الساجدين، الذين نشأوا على طاعة الله. وهل هناك ما هو أجل وأسمى وأحسن

وحق للدنيا أن تبكي بما فيها لفقد رجل صالح لكن عزاؤنا بأن الدنيا دار ممر وليست للخلود وإنما الخلود بأذن الله في جنة الفردوس

صدقت يا أختاه، وجعل الله تعالى الفردوس مأوانا جميعاً ومأواه، وأحسن إليك، وحقّق لك أمنياتك في رضاه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير