قال الذهبي: هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء، بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا، وكما يجد من ألم مرضه، وألم خروج نفسه، وألم سؤاله في قبره وامتحانه، وألم تأثره ببكاء أهله عليه، وألم قيامه من قبره، وألم الموقف وهوله، وألم الورود على النار، ونحو ذلك. فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد وما هي من عذاب القبر، ولا من عذاب جهنم قط، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه. قال الله تعالى: (وأنذرهم يوم الحسرة) وقال: (وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر) فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي. ومع هذه الهزات، فسعد ممن نعلم أنه من أهل الجنة، وأنه من أرفع الشهداء، رضي الله عنه. كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين، ولا روع ولا ألم، ولا خوف. سل ربك العافية، وأن يحشرنا في زمرة سعد. ص290 ـ 291.
10 ـ عن أبي سعيد قال: قال أُبيّ: يا رسول الله! ما جزاء الحمى؟ قال: (تجري الحسنات على صاحبها) فقال: اللهم إني أسألك حمى لا تمنعني خروجا ًفي سبيلك. فلم يُمس أُبيّ قط إلا وبه الحمى. قلت (أي الذهبي): ملازمة الحمى له حرّفت خُلُقه يسيراً، ومن ثمّ يقول زر بن حبيش: كان أُبيّ فيه شراسة. ص392.
11 ـ النجاشي اسمه أصحمة ملك الحبشة. معدود في الصحابة رضي الله عنهم، وكان ممن حسن إسلامه ولم يهاجر، ولا له رؤية، فهو تابعي من وجه، صاحب من وجه، وقد توفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى عليه بالناس صلاة الغائب، ولم يثبت أنه صلى، صلى الله عليه وسلم على غائب سواه. ص428 ـ 429.
12 ـ قال العباس بن يزيد البحراني: يقول أهل العلم: عاش سلمان ثلاث مئة وخمسين سنة، فأما مئتان وخمسون، فلا يشكون فيه.
قال الذهبي: وقد فتشت، فما ظفرت في سنه بشيء سوى قول البحراني، وذلك منقطع لا إسناد له. ومجموع أمره وأحواله، وغزوه، وهمته، وتصرفه، وسفه للجريد، وأشياء مما تقدم ينبئ بأنه ليس بمعمر ولا هرم. فقد فارق وطنه وهو حدث، ولعله قدم الحجاز وله أربعون سنة أو أقل، فلم ينشب بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم هاجر، فلعله عاش بضعاً وسبعين سنة. وما أراه بلغ المئة. فمن كان عنده علم، فليفدنا. وقد نقل طول عمره أبو الفرج بن الجوزي وغيره. وما علمت في ذلك شيئاً يركن إليه. وقد ذكرت في تاريخي الكبير أنه عاش مئتين وخمسين سنة، وأنا الساعة لا أرتضي ذلك ولا أصححه. ص555 ـ 556.
هذا ما تهيأ إعداده وتيسر إيراده من فوائد هذا المجلد، ويليه بإذن الله الفوائد من المجلد الثاني.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[13 May 2010, 07:42 م]ـ
فوائد من المجلد الثاني:
1 ـ الأشعث بن قيس رضي الله عنه، كان أبداً أشعث الرأس؛ فغلب عليه. ص38.
2 ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر ـ مع قوة أبي ذر في بدنه وشجاعته ـ (يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمّرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم).
فهذا محمول على ضعف الرأي؛ فإنه لو ولي مال يتيم، لأنفقه كلّه في سبيل الخير، ولترك اليتيم فقيراً. فقد ذكرنا أنه كان لا يستجيز ادخار النقدين. والذي يتأمر على الناس، يريد أن يكون فيه حلم ومداراة، وأبو ذر رضي الله عنه كانت فيه حِدة كما ذكرناه فنصحه النبي صلى الله عليه وسلم. ص75.
3 ـ ورد أن عمر رضي الله عنه عمد إلى ميزاب للعباس (عم رسول الله صلى الله عليه وسلم) على ممر الناس، فقلعه. فقال له: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي وضعه في مكانه. فأقسم عمر: لتصعدن على ظهري، ولتضعنه موضعه. ص96.
4 ـ ذهب بعض العلماء إلى أن عائشة رضي الله عنها أفضل من أبيها. وهذا مردود، وقد جعل الله لكل شيء قدراً، بل نشهد أنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فهل فوق ذلك مفخر، وإن كان للصديقة خديجة شأو لا يلحق، وأنا واقف في أيتهما أفضل. نعم جزمت بأفضيلة خديجة عليها لأمور ليس هذا موضعها. ص140.
5 ـ قالت عائشة رضي الله عنها: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها.
قلت (أي الذهبي): وهذا من أعجب شيء أن تغار رضي الله عنها من امرأة عجوز توفيت قبل تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة بمُديدة، ثم يحميها الله من الغيرة من عدة نسوة يشاركنها في النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا من ألطاف الله بها وبالنبي صلى الله عليه وسلم، لئلا يتكدر عيشهما. ولعله إنما خفف أمر الغيرة عليها حب النبي صلى الله عليه وسلم لها وميله إليها فرضي الله عنها وأرضاها. ص165.
6 ـ لم يأتنا نص جلي بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الله تعالى بعينيه. وهذه المسألة مما يسع المرء المسلم في دينه السكوت عنها. فأما رؤية المنام، فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة، وأما رؤية الله عياناً في الاخرة، فأمر متيقن تواترت به النصوص. جمع أحاديثها الدارقطني والبيهقي وغيرهما. ص167.
¥